عمان – آفاق حرة
نظم مختبر السرديات الأردني، بالتعاون مع جمعية تواصل الثقافية، مساء الأربعاء 4-10، جلسة حوارية ناقشت المجموعة القصصية «الدكتور نازل» الصادرة حديثًا للقاص والروائي الكويتي الدكتور طالب الرفاعي، في جاليري إطلالة اللويبدة.
أدار الجلسة الكاتب مفلح العدوان الذي عرّف بالرفاعي ومنجزه الإبداعي، ثم افتتح الحوار بسؤال حول تجنيس المجموعة، حيث جنسها الرفاعي «متتاليات قصصية»، مع أنها يمكن أن تقرأ كرواية. وأشار الرفاعي أنها تقع في منطقة وسطى بين القصة والرواية، تتكون من قصص مستقلة، لكنها مرتبطة ببعضها من خلال شخصيتها الرئيسة الدكتور نازل، وموضوعها الأساسي وهو الفساد، وللقارئ الحرية أن يقرأها ويجنسها كما يشاء.
وحول القصة الأخيرة «رقابة» أشار إلى أنها حقيقية، فقد قدم مجموعته بعنوان «نازل النازل» للحصول على موافقة بالنشر، لكنها لم تجز، وفي مناقشته للأسباب، أشاروا أن كل قصة ذكرت أحد المفسدين بالاسم الصريح، وهذا ليس في مصلحة الكاتب أولًا، فقام بتغيير كل الأسماء الصريحة ووضع مكانها «الدكتور نازل»، كما غير عنوان المجموعة بالاسم نفسه، معتبرًا ذلك ليس تنازلًا، بل ذكاءً ومكرًا؛ إذ إن هذا التغيير جنبه المساءلة القانونية، كما أنه أعطى للمجموعة بعدًا عربيًا وإنسانيًا، فالدكتور نازل نموذج للفساد موجود في كل مجتمع عربي.
وقدمت الدكتور شهلا العجيلي مداخلة أشارت فيها إلى أن للرفاعي مجموعات سابقة اعتمدت «المتتالية القصصية»، وأن مجموعاته القصصية كويتية الطابع، لكنها عربية إنسانية في موضوعاتها. كما ذكرت أن الشخصية المؤثرة في كل قصة ليس الدكتور نازل، بل الشخصية المقابلة له في القصة؛ حيث يحدث التصادم الذي يكشف المزيد من فساد الدكتور نازل، وهذا يُبقي القارئ متشوقًا لمعرفة الشخصية الجديدة وجوانب صراعها مع الدكتور نازل.
وقدم الكاتب موسى أبو رياش إضاءة على المجموعة التي تتكون من 24 قصة، جاءت كمرايا كاشفة للمجتمع، مشيرًا إلى الموضوعات التي تناولتها، وخطورة المظاهر الاجتماعية الجوفاء، والتحذير من عاقبة الاعتماد على العمالة الأجنبية، وغيرها، كما أشار إلى جمالية توظيف الكاتب للنص الموازي وتقنية الميتا سرد في جميع قصص المجموعة. وإبداع الرفاعي في رسم شخصية الدكتور نازل الذي على الرغم من فساده وزيفه وعيوبه الكثيرة، لكنه ذكي، لبق، كريم، شهم، ملم بكل ما يتحدث فيه، قادر على الإقناع، يعرف من أين تؤكل الكتف، ولعل هذه الصفات المتناقضة ضرورية لينجح الدكتور نازل في تحقيق مآربه بلبوس الشخصية المحترمة. وأكد أن قصص المجموعة تميزت بالسلاسة والسهل الممتنع، واللغة الرشيقة، وعدم خضوعها للقوالب الكلاسيكية للقصة القصيرة، وخروجها عن المألوف المتعارف عليه، وتعد إضافة نوعية لتجربة الرفاعي القصصية.
واستعرض الرفاعي مسيرته بين الهندسة والأدب، حيث عمل مهندسًا مدنيًا لمدة خمسة عشر عامًا، ثم تحول إلى المجال الثقافي موظفًا وأستاذًا للكتابة الإبداعية التي تعلمها بشكل علمي في الجامعات الأمريكية والبريطانية. مشيرًا إلى أنه بدأ كتابة القصة منذ سبعينيات القرن الماضي، متتلمذًا على خاله الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل والروائية ليلى العثمان، ولكنه اتخذ مسارًا مختلفًا عنهما، وأشاد بتعاون القاص محمود الريماوي إبان عمله في الصحافة الكويتية.
وأشار إلى أنه عاشق للقصة القصيرة، ولكن القصة القصيرة لا تتسع لبعض الموضوعات والقضايا التي تشغله، ومن هنا خاض ميدان الرواية، ولكنه لم يتخل عن القصة، بل وانتصر لها من خلال سعيه وتأسيسه «جائزة الملتقى للقصة القصيرة» في الكويت عام 2015، والتي أصبحت من أهم الجوائز العربية للقصة القصيرة، ولها حضورها الفاعل والمؤثر، وأعادت الاهتمام بالقصة القصيرة بعد أن سرقت الأضواء جوائز الرواية المتعددة.
يعتبر الدكتور طالب الرفاعي من أهم الأصوات الإبداعية الكويتية فاعلية، ومشارك نشط كويتيًا وعربيًا وعالميًا، أصدر خمسة وعشرين كتابًا؛ ثماني روايات، وتسع مجموعات قصصية، ومسرحية واحدة وسبع دراسات. ويعمل مدرسًا للكتابة الإبداعية في الجامعة الأمريكية في الكويت، ونال عددًا من الجوائز في الكويت والوطن العربي، وحظي بتكريمات محلية وعربية، منها تكريم «معرض الشارقة للكتاب» عام 2021، باعتباره «شخصية المعرض الثقافية». وترجم كثير من أعماله إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والصينية والإيطالية والتركية والهندية.
حضر الحوارية التي تميزت بالجرأة والصراحة والحميمية، ضيوف منتدى الجوائز العربية من دول الخليج، وعدد من أعضاء مختبر السرديات وضيوفه من الأدباء والفنانين والمثقفين الأردنيين.