اختتمت في بيت الثقافة والفنون بجبل الحسين في السابعة والنصف مساء الخميس الماضي الموافق 8/8/2019، فعاليات موسم ما قبل عيد الأضحى المبارك، بأمسية طربية شعرية تحت عنوان (نغم وقصيدة)، استضيف فيها الفنان محمد القطري مشاركًا بقصائد مُغنّاة من ألحانه، أداها برفقة عوده، وذلك بحضور ومشاركة شعراء هذه القصائد :
محمد محمود محاسنة
إسلام علقم
الشاعر علي الفاعوري
قرأ كل شاعر القصيدة المغناة المنتقاة ذاتها، إضافة لقصيدة أخرى من اختياره من بين من قصائد ه ودواوينه. وقد قدم للحفل وأدار فقراته باقتدار الأديب والناقد الدكتور علي غبن. أما عن التفاصيل ؛ فقد تحدث د. علي غبن في مقدمة قصيرة حول الشعر المُغنّى معرجًا على ارتباط الشعر بالموسيقى، ودعا الفنان محمد القطري لاعتلاء المنصة حيث دار بينهما حوار قصير حول مواصفات القصيدة المغناة وأسس اختيار النص للتلحين. وبين القطري أن الأمر يعتمد لديه على إحساسه بالكلمات ومدى ما تقدمه من دفقات شعورية تحفزه على ابتكار عمل غنائي منها، وأنه وإن درجت العادة على تلحين وغناء القصيدة الكلاسيكية العمودية المُقفّاة أو قصيدة التفعيلة ؛ إلّا أن هنالك استثناءات بتلحين الشعر الحر والحداثي، وأن في جعبته عدة تجارب ومحاولات منها على امتداد السنوات الأخيرة. هذا وقد قدم للحاضرين نموذجًا للدلالة عليها، تمثّل في قصيدة للشاعر والفنان التشكيلي محمد العامري، عنوانها ( على أُكرَةِ الباب ) هي أشبه بالومضة، نذكر منها : سأرسُمُ روحي على شكل طيرٍ يحجّ إلى بابها في المساء الأخير … وأكتُبُ أوّلَ سطرٍ على أُكرةِ البابِ أنّي أتيتُ ! لتكون مفتتحًا للوصلات الغنائية لهذه الأمسية، والتي قسمت حسب قراءات الشعراء ؛ بحيث ما أن ينهي القراءة شاعر، يعود محمد القطري إلى المنصة لعزف وغناء قصيدة الشاعر نفسه والتي قالها آنفا. وجاء دور القراءات الشعرية ؛ وقد افتتحها الشاعر إسلام علقم بقصيدة جديدة ، جاء فيها : لماذا أراني أخجلُ .. أحزنُ إن هام نايي على المُشتهى .. أصرتُ هجينا من الأمنياتِ وسربِ الندوبِ كنخلِ الفنادقِ بين الجمال وحزن الغضا لماذا أحاولُ محو التشاؤمِ منّي على صوت فيروزَ حين تُغنّي : ” سنرجع يوماً إلى حيّنا ” وليس على نغمةٍ قد تُريحُ وترقصُ مع سارحات الهوى … وكذلك القصيدة المُغناة ( أجيدي الطقوس ) ، والتي يقول مطلعها : أجيدي الطقوسَ فإنّ الهـوى يهفّ العطــورَ ويروي المـدى وكحل الجفـــونِ يثير العيـونَ ولبسُ الشُّفوفِ ينير المسـا وقد عاد القطري إلى المنصة مجددا لغنائها بلحن ذي إيقاع سريع لكن دون خلو من الشجن والطرب والتصاعد الدرامي. وثنّى الشاعر محمد المحاسنة بقصيدة ( حديث الهدهد ) ، نذكر منها : من مهد بلقيس عاد الطير يشتعلُ من نشوة الماء عند الله يبتهلُ من جنة الخلد من تفاحةٍ خُطِفَت قد جاء ينبئ ما ضاقت به المقلُ كنا نعيش كخلق الله في رغدٍ حتى مع الجن نقضي الليل نحتفلُ سننشز الأرض والأخدود نطمرُهُ نحن السفينةُ والربانُ والجبلُ إضافة إلى قصيدته المغناة ( الموعد القادم ) القائل مطلعها : ما كانَ ضَرّكِ لو مررتِ ببابي وأعدتِ روحي للمنى وشبابي وأدرتِ كأس العشق بعد تيَتُّمٍ وتشرُّدٍ وقساوةٍ وغيابِ ماذا يُضيرُكِ لو شدَوتِ قصيدةً وعزفتِ لحنَ الشوقِ في أعتابي ماذا عليكِ وهل عليكِ ملامة لو جئتِ رافلةً بكل شبابِ وبها كانت الوصلة الختامية للفنان القطري، الذي أعد لها لحنا طربيا كلاسيكيا دراميا في غاية الصعوبة امتد غناؤه فيها لما يزيد على الربع ساعة، مؤكدا أنه خاض فيها التحدي مع نفسه مقدما عصارة أفكاره الموسيقية خلال سنوات خلت … على حد قوله ! ثم اعتلى المنصة الشاعر علي الفاعوري، ليكون مسك ختام الفعالية، مطلقًا العنان لقصائد حملت الهم الوطني والقومي ممتزجًا بالهم الإنساني الذاتي، وقصائد وجدانية عاطفية، مبتدئًا بمقطع من قصيدة ( أنا ) ، قائلا : متثاقلًا أمشي إليّ لكي أعود إلى أناي مستسلمًا لقصيدةٍ كتبَت على وجعي رؤاي ومن قصيدة ( غرباء ) نختار : هي حكمة الأيام تكتب سطرنا في دفترٍ لا يعتريه رياءُ غرباء نحن ورغم ألف صبابةٍ بوِشايتينِ سيُقتَلُ الغرباءُ واختتم قراءته بالقصيدة الغزلية ( نصف الحكايا ) ، ومطلعها : أمُدُّ دمي فيسقُطُ في سماها وتَشرَبُني على عطشٍ يداها وما أنا بالبريء فأتّقيني وما أنا بالجريء إذا أراها وقد اختتمت الأمسية بالتقاط الصورة الجماعية للمشاركين في الحفل الذي أَمّهُ نخبة من أعضاء وأصدقاء ومحبي بيت الثقافة والفنون، والذين تفاعلوا بكل اهتمام بالمحتوى وانسجام مع المضمون وحفاوة بالفنان والشعراء.