هل على راهبةٍ من جُناح
أن تدعو شيخها إلى ليلة مباركة، بعصير العنب
أو أن تسميه (سليمان)
أسميك: سليمان.
سليمان أرنى نفسك وأنت تخلع لي الدنيا، أمام بوابة الليل
وتتركها تسقط على خشب (الباركيه) دون اكتراث.
ليلي قمر
وقديم
منذ التصقْت بجدار رحمها، وأنا أُربيه لأجلك
مَنَّا وسلوى، أطعمته
وحَنَّكت (1) سقف حلقه بشهدٍ ليبرالي
كم ألقيت في أذنه اليمنى من آيات مكية
ورشمت أعضاءه الستة بطلاسم، كُتب عليها في
اللوح الأعظم: “سري للغاية”
أنا ختنته بيدي
وغسلته من بصمات الشياطين المحتملة
ثم غطسته في مغسلي الخصوصي
بعد أن تلوت على مائه الحي
(معوَّذتي الثالثة) وأوراد الصباح والمساء
ثم نثرت الماء في كل مكان حوله قاصدةً (التبريك)
غطسته ثلاثا
وفي كل مرة
كان يموت فأحييه، برائحة الشمع وبخور “الكيتوريت” (2)
فى تلك اللحظة، كان يولد من جديد، ليمحو عن العالم
خطيئته الأصلية
تلك قيامته الخاصة
قيامة ليلي، يا سليمان، ثورة نِسْوِيَّةٌ حمراء
حال “الخلوة”
اعلم يا قريني أن ليلي خلوة
لِجها بجلالك تاما
وبصفتك شيخي
هيئها لي بركعتين طويلتين
ومُرني
ألا أتكئ فيها على جدار
قل لي:
وحدي جدارك
اسندي ظهرك إلى قوائم نفسي
وخذي الطمأنينة
وإني أنا سماؤك
فارفعي وجهك لي
وأنتِ نصف مغمضة
تجهزي لسَكْرة، تُغَيِّب التاريخ عن نفسه
وتدغدغ أعصاب فلفلنا الأحمر.
لا ترهقي ساقيك لتقطعي لي الصحراء
اتركيها على عرشك، هناك
أنا لا أرضى لثوبك أن يرتفع عن ماء مغشوش
سنُبقِي كل شىء في مكانه؛
حقول البُنّ الخضراء
مستودعات عسل السدر
أجران (القات)
ما حاجتنا للقات
خذي حقول قاتي كلها إن شئت
احفظيه في جانب فمك، ولوكيه على راحتك حتى
تتوارى بالحجاب
أو زيدي
فمهما طالت المدة، أنا لا أشعر بالتعب
عن العالمين أكملي إغماضتك
ثم هاتي روحك يا (عيوني)
وسِيحي معي.
سليمان يا سليمان، يا شقيق الأعالي
لو أنك أدرت لي “موسيقى الأفلاك” (3)، وراقصتني
على مقام “الكرد”
أُخِذْت
فسِلْت
فغُفر لي
ولكان انجذابي فى “مقام بسط” (4)
مقتضى الانجذاب، يا محبوبي
أن خلسة يأتي
وأن ترتفع الحشمة عن مجازاتنا
فيمتزج العصيران
وأنك بالمهابة تفعلني
وبها تعلم أبجديتي (اتيكيت) السالكين
مقتضى الانجذاب، أن أسيل، كلي، على ظهرك، قربةً
من “زيت الفرح” (5)
وأن أودع فيك “سر المسحة المقدسة” (6)
فيكون الفناء.
أنت كامل ودفئ
بزبيبك، تستر فراغات روحي
فأندمل
زبيبك حار يا حبيبي
ولاذع.
يقول فيثاغورث:
بالموسيقى؛
1+1=1
شكرًا فيثاغورث
الخلوة صحت.
سليمان
لا تغادر خلوتنا، وتمضي للشواغل
دع للسوى شواهد جسدك
وانبذ أصابعك لحديد الحاسوب
وتعال
حِ لقلبي بإشارات تخصنا
وأبجدية مدادها،لا ينفد
صَوِّمني عن الحوادث
ونزهني عن الكليات وعن التفاصيل
ولنجعل خلوتنا “حضرة الملكوت” (7)
حال “الحضرة”
إنَّا فيه
وفينا، هو
أحاكي فيثاغورث:
معًا+ هو=1
كأنه يقول:
“لسليمان ذللنا شواطىء الإسكندرية،
أن يسير فيها على هواه
طهرناها له من تعديات المحافظين، ورجال المال
والأعمال
وإنَّا نجيناه من جلافة المصطافين
و(القرويون آكلو البطاطس)
يلوثون مياه البحر بملابسهم الشرعية، وينزلون بها
كاملةً دون حياء
ثم بألبستهم الداخلية، مبللة، يعبرون طريق الجيش،
غير مستترين بأنفاق
وإنهم بإلهاتها (سيداتهم وتيجان رؤوسهم)، يظنون
السوء، ويتحرشون بزهور “البانسيه” في الحدائق
العامة.
وإذ دفأنا لسليمان الحانات Chez Gaby””
(9)
وCap D’or” ” (10)
طيبناهما له ببخور من لدنا
وله نعنعنا صباحات “أثينيوس” (11)
و”الكريستال” (12) بدخان التفاح الرباني.
ولقد أوحينا لـ”خيلانات” (13) “السيالة” (14):
أن تخففن من ملاءاتكن السوداء
وتحممن بالشمس على رمال الشاطئ
احملن في أيديكن “فن الحب” لأوفيد
و”طوق الحمامة” لابن حزم
أو حتى “ووندرلاند” (15)
لا تصدعن رأسه بأفكار الحس الطبقي، وعدالة
التوزيع
ولا تسألنه عن اسم النملة بالكامل أو عن رقم هاتف
الهدهد
فقط، عندما يمر بكن سليمان، ارششن على خديه
رذاذ ماء الورد
ولا تتلفظن أبدًا في حضرته بـ “أيوه” أو “أحيه”.
(16)
وإذ رأيناكِ، من الحب، تنامينُ وقلبـك مُستَفيقٌ.
فلسليمان أنزلنا على قلبكِ المجاز يا امرأة
أنيقًا بلسانٍ عربي
قولي ما تشتهين
قولي إن {ثمراته حلوة لحلقك
وإن عينيه شجرتا “ناردين” (17)
حدثيه كثيرًا عن عذوبة ريقه
وعن آبار الخمر والعسل التي تتفجر تحت لسانه
أخبريه أنه شهي كله
وصِفي، بالتفاصيل عينيه، وخديه
صِفي شفتيه، ولا تخجلي
اذكري بخور المُر والعود المتصاعد من بينهما
وأخبريه أنك تحفظينه بَينَ ثَدیَيكِ من رصاصات
الشواعر وعزائم السحر الأسود.
ثم قولي له:
ليت شمالك تحت رأسي، ويمينك تعانقني
واطلبي إليه ان يُدخلك معه إلى بيت الخمر
لأنك عنده وجدت السلام}. (18)
حال “الجسد في ماء”
الفَجْر يا سليمان
وسور الكورنيش
استند
ودعني أروي لك الحقائق كاملة:
إِنْ رشات الماء مَسَّت خلف الأذنين
ارتعشت القشرة الأرضية
ووضعت التابوهات نفسَها في سلة قمامة، ثبتتها
البلدية على الرصيف لمثل هذه الظروف
فربما مر الرب واسترد بضاعته، ليعيد توزيعها على
ضوء المتغيرات الفسيولوجية الجديدة.
البحر، يا معشوقى، سحَّاب
والمياه المالحة تذيب كل (ميتافيزيقا)
وتُرَسِّب الأرواح في القعر.
للجسد، اليوم، الكلمة العليا
فلننصت.
جسدان كاملان
في عرض البحر الأبيض المتوسط
إِنْ تقاربا
لاحت فاكهة أول الشتاء
عَصِيّة فاكهة أول الشتاء
وقطوفها عزيزة
وإن أصابعي لمدللة
لا تأنس لمجاهدة طويلة
هاك أصابعي، ارشدها أنت إلى أماكن النِضاج
اضغط بها على منابع سكر “اللاكتوز” (19)
ثم العقْه من على سطحها، يا (عريس البحر) (20)
وامنحني شربة واحدة، تمتزج بسوائلى:
اللعاب
الدم
البلازما الصفراء
والمزلجات الذاتية
ففى ماء (نوفمبر)؛
اللحم هالك، لا محالة،
في اللحم
والمخاطرة نجاة.
جسدان كاملان
إن انتصبا في ماء
فبوحهما حلال
(جسدان وجهًا لوجه) (21)
=………… لا تقل فيهما رأيًا يا (أوكتافيو باث)
فسليماني
سيكمل المعادلة. …
هوامش: (1) التحنيك: هو تدليَك حَنَكَ الوليد، قبل أن يرضَع، بدُهْن اللَّوز والرمان ونحو ذلك. (2) أحد أنواع البخور الذي ذكر فى التوراة، والتلمود، وأوصى الكهنة باستخدامه فى معابد الصلاة. (3) هي نغمات ناتجة من حركة الأفلاك والكواكب تتناسب مع سرعة انتقال كل منها، مذهب (إخوان الصفا). (4) البسط اصطلاحًا: غلبة الرجاء على القلب، فإذا خاف الصوفي من وعيد الله كان قبضاً وإذا رجا وعده ونعيمه كان بسطاً. (5) دهن يُعتقد في الثقافة المسيحية أنه يطرد الشياطين. (6) طقس مسيحي يستخدم فيه: “زيت الميرون” المقدس بهدف الخلاص. (رسالة يوحنا الرسول الأولى-2:27) (7) هي فى الاصطلاح: عالم العقول والنفوس المجردة، وهي إحدى حضرات الخمس الإلهية. glasses emoticon اسم اللوحة الشهيرة للفنان الهولندي “فنسنت فان جوخ. (9) مكان ذو طابع إيطالي قديم ورومانسي بمدينة الإسكندرية. (10) بار عريق بالإسكندرية تأسس عام 1900 ويعرف باسم (الشيخ علي). (11) مطعم ومقهي بوسط الإسكندرية، تحوي جدرانه صورًا وثائقية شاهدة تروي تاريخ وحكايات نادرة شهدها المقهي خاصة في فترة وجود الجالية اليونانية. (12) مقهى شعبى على الكورنيش يرتاده الفنانون والأدباء. (13) هو الاسم العربي لعرائس البحر وهو، معجميًا وحش أسطوري نصفه إنسان ونصفه سمكة. (14) حي شعبي قديم بمنطقة “بحري” بالإسكندرية. (15) مجلة دولية تهتم بالموضة. (16) من ألفاظ التعجب والدهشة التي تتميز بهما اللهجة السكندرية. (17) نبات على النوم الجيد فقط، ويسبب السكينة. (18) الجزء مستوحى ومعتمد على سفر (نشيد الإنشاد). (19) سكر الحليب. (20) هو ذكر حيوان “عروس البحر”، ولهما تصور أسطوري في الأذهان، علي مستوى الشكل. (21) التضمين من قصيدة “جسدان” للشاعر المكسيكي “أوكتافيو باث”.