وهَلْ يبتسم الوردُ إِنْ شَجّهُ شوكُ القَنا أو أَدْماهُ عصفورُ شوقٍ سادرٌ في غيِّ الهوى كاشحٌ يطوي صبابةَ عشقهِ بينَ الجَوى !؟ وهَلْ يُضْحِك الغيمات أو يفرج من غلواءِ تجهّمها مَرّ النسيمِ وانتصافُ بدرِ الغسقِ في سماء تشكُو غيابَ نجومِ السعدِ وكواكبِ الوصالِ وأبراجِ الهناء !؟
كيفَ أضحكُ والدُجى متلاطمٌ وبحرُ محيطنا يهدرُ موجُهُ غضباً ، تتصارعُ الأَحياءُ في عمقه طَمَعاً ، يشكُو قاطنوهُ عطشاً ومُطْعَموهُ جُوعاً وشحّاً وفقداً .!؟
اتركوني وَدَعُوا ابتسامتي ترحلُ واسْتَبقوا معي صَرَخاتي وبقايا شُهُبِ شتاتي تلسعني كإبَرِ النحلِ ، يُؤلمني لذعُها لكنها بلسمُ جرحٍ غائرٍ يشتهي مشرطَ علاجِها ومبضع طبّها حتى يهدهدُ مهدَ الأَلمِ ويضمدُ جراحَهُ فأظلّ أحترقُ بهذا السعيرِ ، ألوبُ على سطحِ الماءِ ، أتمرغُ في الفراغِ ، أَتَلوّى في الأَثيرِ ، أتصاعدُ وأبخرةُ الإلتياعِ السامّةِ في الهواءِ ، أتطهّرُ بنفحات نسيمِ التعللِ ، أنتشي بعَبَقِ أَريج أزاهير السلوان ، أعانقُ خيوطَ الأَصيلِ ، أنادمُ الشفقَ وأتحسّسُ هدأة الغروبِ بعيداً عن ضجيج قهقهاتٍ بلهاء وضحكاتٍ حمقاء وهمهماتٍ نكراء لاتعرفُ للغيمِ سرٌ ولا للصمتِ جَواب .