مُدوّنتي التاسعة لساعات لَيلتي الأخيرة أو لرُبّما كانت مُدوّنة الدقائق التي تَليها، لا أعلمُ كم مرَّ من الوقتِ على شَتاتي ولكن بالمِقدارِ الذي أتوهّمه مِئة وستّة وثمانين يَوم، وأربعة عشر ساعة، والبعض من شَظايا دقائق ساعتي الصّماء مُتعانِقة الذّراعين ..
لَم تعُد الأفلامُ والموسيقى كافيةً لمُواجهةِ نفسي لنَفسي فهذه المرّة كانت الجروحُ أعمقَ من أن تُرَمَم فأنا كنتُ على قيدِ الموتِ في كُلِّ الأحوالِ، لا أدركُ إلى الآن إن كنتُ على وشكِ أن أحيى أم أكادُ أن أموتَ فكِلا التّعبيرين صحيح ولكنّني، بِتُّ أتجرعُ دمَ جراحكِ وأتذوقُ الموتَ وأنا حيٌّ بكوابيسكِ أسيل!
أسيل يا هَمسةَ العشق الغافية على أغصانِ الدُفلى،
فأنتِ تفوقينها رِقَةً وحُسنًا، كيف أصِفُكِ وكلّ الحُروفِ تقفُ مَشدوهةً بلطافةِ وجهكِ، وابتسامتكِ الأخّاذة تَفتك بالقلوبِ وتسلبُ الألبابَ، أتجَـرّعُ شهدَ الحياةِ في عيناكِ وأغدقُ على نفسي العَطاءِ، فكُلَما احتجتُ لجرعةٍ من الثمالةِ وجَدتِني أُبحِرُ في عيناكِ.
وكيفَ تجري سُفُني وأنا بلا شِراعٍ؟ وكيف يطيبُ عيشي في بعدكِ؟ وما لي أراني في كلِّ شهقةٍ مُتلَعثِمًا بحروفِ إسمكِ؟
سرابٌ أعيشُهُ بلا رحمةٍ، يداي المُكَبلَتانِ حولَ خصركِ النّدي، نذيرُ شؤمٍ لن تفارقَ لعنتَهُ روحي، لا أعلمُ حقًّا إن كانتْ لذةُ الانتقامِ التي رافقتني، وأنا أراكِ تلفظينَ آخرَ أنفاسكِ، ويداكِ تحاولُ التّشبثُ بي، أم كانت تعويذةٌ ألقت علي أن ألطخَ قلبي بدمِ الغدر، وأن أستلَ خنجرًا أطعنُ به روحي ..
أشعر أنّني أهذي ..
أقفُ على عتبة الظّلام فأعانقه، ثم أتلو على روحك آلاف الصلوات، رُبّما كنت قد تلوتها على جُثث أطفال الحيّ أيضًا
أذكر أنّ الكلمات تشتّت فلَم أعُد أحفظ الفاتِحة ..
كنت أرتجف كعصفور غافلته نِسمة الخَريف الباردة ولَم يستعدّ لشتاء قارِص ..
لا أعلم حقًّا إن كنتُ أهذِ أم أنّ لساني يقطر فلسَفة
فربّما أصبحت من المَجانين أصحاب الحِكمة ..
كان فراقكِ ذلك الحدّ الفاصل بين الجنون والرّكيزة ..
كنت أرثيكِ داخل قلبي لسنوات ..
أكنت مُجرّد حلم أم وهم!
هلوسة اشتياق لأصوات الاطفال ولعبة الكُرة وسبعة أحجار..
أسمعكِ بوضوح الآن، أكثر وضوحًا من سنينٍ مَضت
أجلس هُنا بالقرب من شُرفتك، أراكِ تائهة بسببي ..
ذلك ذنبي الأعظم أتمنّى لو أستطيع ضمكِ الآن
هل تشعرين بي؟
أنا هُنا أصرخ عاليًا لكن، حاجز الأحياء والأموات الفاصل بيننا، لا ينفتئ .. يبعدني!!
أسييل!! .. حبيبتي أسيل!!…
لا أعلم!
ولكنني، على ثِقة أنّني سعيد للقياكِ فروحي ستبقى طافِية بين هُنا وهناك، لا تنعم بالدنيا وقربك، ولا تحترق بالجَحيم وتذوي.