انا قصة صامتة وأنت قارئ أعمى/ بقلم :دنيا عادل السعدة

لم اكن اتخيل ان الوصول اليك جميل الى هذه الدرجة ،لا اريد ان افسد لذة الامر ، لكنني اريد ان اخبرك بكل شيء حدث معي ، منذ وطئت اول درجة في طريقك الى ان وصلت الى نشوة الوصول .

تحدثوا كثيرا عنك، وقالو من المستحيل الوصول اليك يوما، الا من كائن خارق للعادة ، سالتهم بكامل استهزائي ما هو ذاك القمر حتى يشغل كل حديثكم هكذا، قالو انه ليس مجرد قمر عادي، فيه سحر لمن يحاول الوصول والاقتراب اليه، فيجد المرء نفسه خاسرا لكل امر حوله دو ن ان يشعر  كلم اقترب الوصول ليندثر ويتبخر بالجو.

خاطبتهم بصوت جهور واثق النبرة والحضور بانني سأستطيع الوصول دون ان اخسر حتى نصف درهم .

سمعت صوت قهقهة في اخر الحضور، كان صوتا مألوفا لدرجة ، تلك قهقهة السخرية التي كنت اطلقها انا و…ايعقل ؟

هل هو  حتما ام تشابه الصوت علي ؟ تباعد كل الحضور ليروا من صاحب ذلك الصوت الساخر، كأنهم استشبهوها مثلي وأرادوا ان يتأكدوا من الامر

رايته، كان هو ،لأول مرة سأقول صديق عمري ،لأني طالما نعته بأخي، صديقي منذ ثلاثة عشر عاما من الحسرة والقتال في الدنيا وعاكسة الحظ للنجاة.

لم تؤلمني ضحكات الحشد الذي تلت صوت سخريتك بقدرك انت!

ذهبت الى ذلك الدرج مخذولا كان جبال الدنيا على عاتق كتفاي ، صعدت الدرجة الأولى ، ثم الثانية ، فالثالثة ، وانا افكر سرا لم اخسر أي شيء الى الان ،لأسمع ضجيج خلفي يصرخ باسمي، انها امي …

جاء صاحب البيت الذي نعيش به منذ ان ابصرت عيناي النور، ليقول لها :اخرجي من البيت فالذي كان يدفع لي اجاره ذهب الى “درج الجنون”، فما حاجة لي بك بعد اندثاره بالهواء؟

بكت امي ونحبت لأتراجع لكني قلت لها سأصل واتحدى الجميع، فتبرأت مني امامهم… معها كل الحق لم تكن تتوقع من شخص مثلي الوصول او حتى المحاولة .

ادركت الان كيف يخسر الانسان عند الصعود ،اخي ثم امي وبيت الطفولة الدافئ، فما القادم ؟

أكملت صعودي حتى الدرجة العاشرة ، وقد بقيت لي ثلاث درجات فقط

قطعت مسافة كانت علي بثقل ستين خريفا وفصلين من الشتاء ، خسرت فيها كل ما املك ، ففكرت مليا اذا عدت من سوف يسندني بعد هذا التعب ؟ ومن سوف يحمل ثقل ايامي القادمة ؟

وقفت على حافة الدرجة العاشرة، حاولت ان اسقط نفسي ، لكن نورا ما بقلبي جعلني ارتد الى الخلف ، لمع بذهني امر فذ المنطق .

ادركت عندما تراجعت عن الامر ان كل الذين يقولون انهم اندثروا سقطوا من هذه الدرجة ، لأنه حل بهم ما حل بي وربما اكثر، لكن الفرق الوحيد بيني وبينهم انني لم استسلم بالرغم من خسراني لكل شيء ، وهم خسروا مثلي او اقل حتى ولم يفكروا بأمر الاندفاع الى الأسفل ، ليخلفوا الظلام واليأس في عقول الذين بقوا في القاع ، وان غريزة البقاء كانت اقوى من غريزة اليأس بداخلي ، فلماذا لا اعود شامخ الراس بينما تحديت كل الذين في القاع ؟ لماذا لا أكون انا سند نفسي وغطاء ايامي الباردة ؟ لماذا استمع لأناس لم يحاولوا حتى الصعود درجة ؟

لا اسمح اي كائن كان بان يثبط مني ومن نوري القابع خلف هذا الصدر ، هذا النور كله نتاج ايامي السيئة ، نتاج خذلان صديق ، وغضب ام دافئة ، اعطني جزءا من نورك ايها القمر ، نفدت طاقتي كلها ، اريد العيش مجددا ، ارجوك…!

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!