على أعتابِ الحرب / بقلم : مجد الحوراني

هذه المرّة صدّتني الحياة عن الحياة، وأعطتني ظهرها وما زلت تلك الطّفلة أنظر إليها بعيونٍ بريئة مليئة بالدّموع، لعلّها تحنُّ وتعود بكِ إلَيَّ أو تذهب بِي إلَيكِ.

أراك في كلّ مكانٍ، في المطبخ،  على باب البيت، وعند الأريكة تنظرين لي بنفس النّظرة، وعندما أقترب تختفين، غادرت باكراً  قبل أن تعدّي لي الكعك، قبل أن أتمنّى أمنيةَ عيد ميلادي، وقبل أن أتزوّج الرّجل الجميل ذو العيون العسليّة والشّعر البنيّ، كنت أخبرك دائماً أنّني أتمنّى أن أتزوّج برجلٍ يلمع العسل بعينيه، ذو شعرٍ بنيٍّ ومديد القامة، وفي كلّ مرّة تقولين الجملة ذاتها: “اللّه يختار لك الخير”، و أردّ عليك أنّه هو الخير.

اليوم يا أمّي دعوتك استُجيبت، شاء اللّه أن يختار لي الخير هذا، الفارع الجميل، لم يكن إلا قزماً قبيحاً وعيونه العسليّة مزيج من النّفاق والكذب المغمور بالخيانة.

لم يكن يحبّني، كان يحبّ لون الكحل الّذي أضعه في عينيّ، ورسمة حاجبي، لم يكن يفهمني، كان يفهم الدّعابات الّتي ألقيها. وأنا بعدك لا يليق بي الكحل ولا حتّى الكلام، ولكن ما زلت أليق بالنّخلة العراقية فأنا شامخة كما علّمتني، ابتعدت عنه عند إحساسي بالخيانة الّتي دعوت اللّه أن تكون كذباً، وأن يخطئ إحساسي هذه المرّة فقط، هذه المرة لا أريد ان أصدّق نفسي.

ما باليد حيلة، سقط القناع عن القناع، وعلمت حقيقة العيون العسليّة فهجرته، وكانت آخر كلماتي له أنّك ستندم وستعود باكياً.

أمّي، أكمل لكِ غداً، فصدري انقبض وأشعر بالاختناق، أتمنّى من اللّه بكلّ ما أملك من قوّة الدّعاء أن تشعري بي، وأراك لو حلماً تضعين يدك على رأسي لتهون هذه الدّنيا.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!