السيرة الذاتية والأدبية للشاعرة اللبنانية الدكتورة زبيدة الفول

الدكتورة زبيدة الفول: شاعرَة النقد ورفيقة الروح

في فضاء الشعر اللبناني الحديث، حيث تتشابك النفوس مع الكلمات، تبرز الدكتورة زبيدة الفول كشاعرة وناقدة، تحمل قلمها كجناحٍ للروح، ووعيها كمرآة تعكس عمق التجربة الإنسانية. ولدت في مدينة طرابلس، ونشأت في مجتمع بسيط، لكنها لم تدع للحياة حدودًا تصف قلبها أو تحاصر شغفها بالمعرفة والجمال، فتجاوزت العقبات لتصبح واحدة من الأصوات الأدبية البارزة في المشهد العربي.

درست اللغة العربية بكل أبعادها، وغاصت في بحورها؛ فتخرجت حاملة لقب الدكتوراه بعد أن أنجزت رسالة الماجستير بعنوان “العنجهية في شعر كريستو نجم”، ثم غاصت أعمق في أطروحة الدكتوراه بعنوان “الطبيعة وثالوث سعيد عقل”، لتربط بين الطبيعة والفكر، بين الجمال والفلسفة، وتؤسس لرؤيتها النقدية التي تمزج بين الشعر والحياة.

عملت الدكتورة الفول في التعليم الثانوي والجامعي، حيث نقلت خبرتها ومعرفتها إلى أجيال من الطلاب والدارسين، وأثبتت أن التعليم ليس مجرد نقل للمعلومة، بل إحياء للروح وفتح للآفاق. وبين الكتب والمحاضرات، كانت كلماتها تنسج قصائد تتنفس وجدًا وتأملًا، وتحتوي على رموز فلسفية تأخذ القارئ في رحلة بين الذات والكون.

في شعرها، صدر لها ثلاث دواوين هي:
1. نفحات وجدانية: حيث يتعانق الحب والحنين في لغتها الموسيقية.
2. نغمات الروح: رحلة تتبع خفقات القلب والتأملات الداخلية.
3. سرمديات القلب: تنوير للوجدان وإشراقات للوجود.

وقد جمعت هذه الدواوين في مجموعة شعرية واحدة، لتشكل لوحة متكاملة من المشاعر والرموز، لغة تتجاوز الكلمات لتصبح تجربة حسية وفكرية في آن واحد. ونشرت قصائدها في مجلات وصحف عربية شملت العراق، مصر، لبنان، المغرب، وغيرها، وترجمت بعض نصوصها إلى لغات متعددة، لتصبح صوتها حاضرًا على الساحة العالمية، حاملًا رسالتها الشعرية والوجدانية عبر الحدود.

أما في النقد الأدبي، فتتنقل بين دراسات تحليلية لأشهر الشعراء العرب، وتصدر كتابها النقدي “عزف على أوتار النقد”، حيث تجمع بين الدقة الأكاديمية والحدس الشعري، فتكشف عن جمال النصوص وعمق الرموز، وتضع القارئ أمام الشعر كما لو كان يراه لأول مرة، عاينًا تناغم الألفاظ، وتدفق المعاني، وعمق الرؤى.

أسلوبها الأدبي يمزج بين الحس الوجداني العميق واللغة الرمزية والفلسفية، وهي تبحث في نصوصها عن الوجود والغياب، الحنين والشوق، الطبيعة والعاطفة، محاولةً أن تجعل من الشعر فضاءً للتأمل والحوار بين الذات والكون، ومن النقد أداة لإظهار جمال النص وتوضيح عمق التجربة الإنسانية.

اليوم، تظل الدكتورة زبيدة الفول صوتًا فريدًا في الشعر اللبناني والعربي، حيث يلتقي الإبداع بالأكاديمية، وتتحول الكلمات إلى أرواح تنبض، والخطاب الشعري إلى رحلة بين الوجدان والفكر. إنها نموذج للمرأة المثقفة التي تزرع في العالم بذور المعرفة والجمال، وتذكرنا بأن الشعر ليس مجرد كلمات، بل نبض الحياة الذي يستحيل أن يموت

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!