قُولِي إلى أينَ يَجْرِي المَاءُ بِالزَّبَدِ
يَا أُمّةً غَرِقَتْ في جَهلِهَا الأبَدِي
حَوَاضِرُ العُرْبِ بالأحْقَادِ مُثْقَلَةٌ
وَالنّاسُ مُتْعَبَةٌ بِالهَمِّ وَ النَّكَدِ
قُولِي مَتَى يَسْتَعِيدُ الحُبُّ رَوْنَقَهُ
يا أمَّةً آمَنَتْ بِالدَّجلِ والفَنَدِ
هَذَا أنَا شَاعِرٌ في ليلِ غُربَتهِ
يَبُثُّ أَشْجَانَهُ كَالطّائِرِ الغَرِدِ
يا أجْمَلَ الوَعْدِ هَلْ في الغَيبِ مِنْ رَمَقٍ
لظامئٍ مِنْ رُضابِ الوَصلِ لَمْ يَرِدِ
لمْ يَبْقَ مِنْ جَذْوَةِ الشِّعْرِ الَّتِي انْطَفَأَتْ
إلا الرَّمَادُ فَهَلْ لِلبَوحِ مِنْ مَدَدِ
قَصِيدَةٌ أنْتِ يا «صَنعَاءُ» مُترَعَةٌ
بالعِطْرِ والزّهرِ بالنِّسرِينِ والبَرَدِ
تُعَانِقِينَ ضَبَابَ الفَجرِ في وَلَهٍ
وفي مآقِيكِ ضَاقَ الكُحلُ بالرَّمَدِ
أبثُّكِ الآنَ ما في القلبِ من شَجَنٍ
وقدْ تَغَرّبتُ عن أَهلِي وَعَنْ بلدِي
أمُرُّ يَا مِصرُ
مِنْ حُزنِ العرَاقِ إلى
عَوَاصِمِ العُربِ
هَلْ في القَومِ مِنْ رَشَدِ!
آمَنْتُ بالحُبِّ يَا مَوْلايَ أَنْتَ بِهِ
أخْرَجتَنَا مِنْ كُهُوفِ الشِّرْكِ وَالضَّمَدِ
يَا غُربَةَ النَّاسِ والأخْلاقُ غَائِبَةٌ
فهل تَرَى في قدورِ الصَّبرِ مِنْ كَدَدِ
مَا أوْجَعَ الشِّعْرَ إذْ يُزجِي لوَاعِجَهُ
أُوَارُ باكيةٍ تَبْكِي على وَلَدِ
«في البَالِ أغنِيَةٌ» تغفو على وَتَرٍ
وفي الحَنَايِا يَئِّزُ الصَّبرُ بِالكَمَدِ
عَادَ الشِّتَاءُ وَعَادَ البردُ مُنتَشِيًا
وَلَمْ نَجِدْ لِخِيَامِ الصَّبرِ مِنْ وَتَدِ
طَفِقتُ أسْأَلُ في الأسْفَارِ عَنْ عدنٍ
ولم يَغِبْ طَيفُهَا الفَتّانِ عَنْ خَلَدِي
بَحَثْتُ عَنْ بَلَدِي في كُلِّ نَاحِيَةٍ
لَكِنَّنِي يَا بْنَةَ الأَمْوَاجِ لَمْ أَجِدِ