تَخيَّلْ مَعي يا صديقي
بأنَّ الإله بَشَرْ
وإنَّ الملائِكةَ المُرسَلينَ شَجَرْ
وإنَّ الكتابَ المقدَّسَ
يُطبَعُ كلَّ صباحٍ
وينزِلُ في صيغَةٍ ثانِيهْ
حيثُ تَغَيَّرَتِ الآخِره
فَيُصبِحُ للموتِ شكلٌ جديدٌ
وفصلٌ يُعَلِّمُنا
كيفَ نحيا على حافةِ الهاويه
وكيفَ سنمضي لنَفسِ الحديقةِ
رغمَ الورودِ التي أصبَحَتْ حَجراً
يكسِرُ الانِيه
تَخيَّلْ معي
إنَّ في القَبَرِ
مَنْ سَيُقَدِّمُ كشفاً
بكلِّ رصاصِ الحروبِ
الذي لَمْ يُصِبْ كَبِدَكْ
وكلِّ الهراواتِ
تلكَ التي اخطأتْ جَسَدَكْ
تَخَيَّلْ بأنَّكَ سوفَ تقدِّمُ قائمةً
بالدموعِ التي حَفَرَتْ وَجهَ أمِّكَ
وهي تفارقُ عندَ الرحيلِ يدَكْ
تخيَّلْ معي كلَّ هذا الألَمْ
تخيَّلْ إلهَكَ
وهو يحاولُ تسجيلَ إسمِكَ
لكنْ يؤجِّلُهُ
لِاختفاءِ القَلَمْ
تَخَيَّلْ لو آنَّ القيامَةَ بَعدَ غدٍ
بَعدَ اذانِ العِشاءِ سَتَنْطَلِقُ الصافِرَه
تدقُّ النواقيسُ كي تُعلِنَ الاخِره
تَخيَّلْ
شعورَ الذي لَمْ يَذُقْ شَفَةَ امرأةٍ ابداً
لمْ يَنَمْ فوقَ كفَّيهِ طيرانِ
او خاصِرهْ
تخيَّلْ شُعورَ الشهيدِ بِتُربَتِهِ الطاهِره
تخيَّلْ شعورَ الغبيِّ الذي ضيَّعَ العُمْرَ
مِنْ أجلِ امرأةٍ ..شاعِره
تخيَّلْ جميعَ الطغاةِ وهمْ يُشنَقونَ
بحبلٍ تَكونَّ مِنْ شَرشَفِ العاهِره
تخيَّلْ
لوْ انَّ القِيامَةَ
بعدَ ثوانٍ
ومازلتَ متكّئاً لا تُبالي
فتقرأَ هذي القَصيدةَ
ثمَّ تراهِنُ نَفْسَ الرِهانِ
على الفَرَسِ الخاسِرَه
تخيَّلْ معي ياصديقي
نبياً بلا تابعينْ
وديناً جديداً بلا مؤمنينْ
وشيخاً على راسِهِ قُبَّعه
يلبسُ في قدميهِ حذاءَ الرياضةِ
يلبسُ (جينزاً) بجيبينِ في الخلفِ
يحملُ كلباً صغيراً
ويلبسُ في صدرِهِ قوقعَه
يشرِّعُ أنْ نتزوجَ تسعاً
فمَثنىً .. ثلاثا .. مع الاربعَه
تخيلْ معي يا صديقي الحياةْ
بربٍّ ودينٍ وشيخٍ وحيدْ
فليسَ هنالك مَنْ يَتبَعَه
تخيّلْ حياتَكَ دونَ طغاة
ودونٍ مَنافٍ .. بلا اشرِعَه
تخيلْ معي ياصديقي الصلاةْ
نُغنّي بها (موطني)…
ثم نبكي
بلا مِنبَرٍ او مكبِّرَ صوتٍ
لهذا الإلهِ لكي نسمَعَه
تخيَّلْ لوِ انَّ الحياةَ تَقِفْ
وانَّ جَميعَ الدَقائِقِ لنْ تتقدَّمَ
هلْ سيظلُّ الصبيُّ صبياً
ويبقى العجوزُ وحيداً …خَرِفْ
وهلْ إنَّ مَنْ سَرَقَ الوقتَ مِنْ عُمرِنا
يَعتَرِفْ
وهلْ سَتظلُّ العوانِسُ دونَ عَشيقْ
وهلْ يَستَمرُّ المُسافِرُ
هلْ سَيَشيخُ اذا ظلَّ يَمشي
بِنَفْسِ الطريقْ
وهل شَجَرُ الغابِ يَبقى على حالِهِ واقفاً
بآنتظارِ الحريقْ
وهلْ سَمَكُ البَحرِ يَبقى يُفَتِّشُ
عنْ وجبةٍ مِنْ طعامٍ
مُغَلَّفَةٍ بثيابِ الغَريقْ
تخيَّلْ لو آنَّ الحياةَ تقِفْ
يا صديق