يا أيُّها البُعدُ،
يا مَن أضاءَ جراحَ المسافاتِ في كبِدي،
فانطفى الحُلُمُ…
أمشي إليكَ كأنّي غريبٌ
يُفتِّشُ عن ظلِّه في المرايا
ويَمنحُ لليلِ أسماءَهُ،
ثم يَسقُطُ كي يَحتضِنَهُ العَدَمُ.
كلُّ الجهاتِ مرايا،
وكلُّ المرايا تُحاكي انكساري،
وتَكتبُ فوقَ المدى أنّ هذا الوجودَ
صدىً عابرٌ،
وأنّي إذا ما مَضيتُ إليكَ،
فلستُ أعودُ كما كنتُ… بل أنثنِي وأهتدِمُ.
يا أيُّها الغائبُ/الحاضرُ:
كوكبُ روحي يَدورُ على محورٍ مُنكسِرٍ،
لا يَرى شمسَهُ…
غيرَ أنّي أرى في احتراقِكَ فجرًا،
وفي فجرِكَ الصّاخبِ الهائِمِ اتّسِمُ.
أكتبُكَ الآنَ،
لكنَّ حبرَك يَنفَلتُ منّي
كأسرارِ ماءٍ قديمٍ
تَحوَّلَ في لجَّةٍ مظلِمَةٍ
إلى صَوتِ ريحٍ يَنُوحُ،
إلى رَمزِ وُجدي الذي يَحتَدمُ.
أنتَ النداءُ الّذي لا يُجابُ،
وأنتَ الإجابةُ الّتي لا تُقالُ،
فكيفَ يَكونُ المَدى واحدًا،
وكلُّ المسافاتِ في داخلي تتشظّى
كأيقونةٍ كسَرَتها يدُ القَدَرِ،
واحتواها البَرمُ؟
يا أيُّها الأبديُّ،
يا شَظايا المجرّاتِ في صَدرِ روحي،
يا من تُنيرُ ظلامي…
كأنّكَ موتي
وكأنّكَ وِلاَدَتي،
وكأنّي إذا ما ارتميتُ إليكَ،
فإنّي إلى كَونٍ جديدٍ أُعَمَّدُ…
ثم أُهزَمُ.
كلّما قلتُ: هذا أنا،
يَذوبُ الحُضورُ،
ويَنهضُ غيابُكَ في داخلي مَحرابَ نارٍ،
ويَصعدُ بي حيثُ لا ينتهي عالَمٌ.
فأينَ الهُروبُ،
وأنتَ اتّساعُ الفضاءِ؟
وأينَ الخلاصُ،
وأنتَ جَحيمُ الرُّؤى الّتي لا تُحَدُّ،
ولا تُفهمُ؟
أغيبُ إليكَ،
فألقى اشتعالي،
وأكتُبُ بالدمعِ سفرَ العذابِ الّذي أحتكِمُ