أناشيد السرمد/ شعر: الشاعرة اللبنانية زبيدة الفول_طرابلس _لبنان)

أهواكَ…
كما يهوى الغيابُ مراياهُ في غَسَقٍ مُظلِمُ،
كما يفتّشُ ليلٌ عن اسمهِ في سطورِ الفلكِ
كي يكتملَ الحُلمُ في صمتِه المستقيمُ.

أهواكَ…
كما يَحنو الوجودُ على جرحِه الأزليِّ،
كما يفتّشُ العدمُ عن شرارةِ كونٍ
لتُوقظَ في جوهرِ الكائناتِ سؤالًا
يُقيمُ ولا ينهدمُ

قلبي…
وتَرٌ ضائعٌ في فضاءاتِ صمتٍ
عظيمٍ،
إذا ما عزفتَ عليهِ
تفتَّحتِ الكواكبُ وردًا،
وصارَ المدى رعشةً لا تَهيمُ.

كلُّ الورودِ استعارَتْ مواسمَها،
فانحنتْ للشجونِ
كأقمارِ ليلٍ تهيمُ،
تسعى كما يسعى السرابُ
إلى يقظةٍ تتعاظمُ،
حتى يغيبَ الظلامُ العقيمُ.

يا طائري…
حلّقْ إلى عمقِ أنفاسيَ الثملةِ الآنَ،
خبّرْ طيورَ السماواتِ أنّ ابتسامتَكَ
أجنحةٌ من عبيرٍ،
تُبلّلُ بالياسمينِ هواءً
مخمورًا،
وتسقي فضاءً بهيمُ.

أنا أسيرةُ مجراكَ،
نهرٌ بلا ضفتين،
يغمرُ الفجرَ،
يتركُ فوقَ الموجِ آثارَ شِفاهٍ
تُدوّنُ عشقًا كأيتامِ
دهرٍ قديمُ.

منذ عرفتُ دروبَكَ
صارَ النسيمُ شراراتِ ضوءٍ،
يختصرُ المسافاتِ
مثلَ الرؤى حينَ تنهضُ
من وجعٍ محتَكِمُ.

اقتربْ…
فإنّكَ صمتي الذي لا يهدأُ
في مَضمرٍ محكومُ،
وإنّ الوصالَ إذا ما اكتملْ
أزهرَ في العمرِ عمرٌ
وأيقظَ في زمنٍ آخرَ
زمناً مختَتَمُ.

خذني إليكَ…
هناك، حيثُ السماواتُ
توزّعُ أنفاسَها للشرارِ،
فتصبحُ كلُّ الكواكبِ
جمراً يتقدّمُ في جوقةٍ
ليس يخبو نديمُ.

تركتُ الوشاةَ بقايا غبارٍ
على أرصفةِ الغيابِ،
وحملتُ عهدَكَ كأنّي
أحملُ أقمارَ حلمٍ
على أكتافِ الليلِ
كي يستديمُ.

قطعتُ إليكَ مسافاتِ عمرٍ
لم يحصها الزمنُ المحكومُ،
طرقاتٍ محفوفةً بالسكينِ،
وأنا أزرعُ في حوافّ الطريقِ
أعلامَ انتصاري
ووشمَ الخلودِ المقيمُ.

أهواكَ حدَّ السيوفِ التي
تلمعُ في وجهِ ريحٍ جسورٍ،
وأصونُكَ مثلَ ضياءِ الكواكبِ
من غبارِ الفناءِ،
ومن هباءٍ عقيمُ.

فالحبُّ عندي محرابُ رؤيا،
وماؤهُ شوقُ أنوارٍ،
شوقٌ يُحوّلُني لهبًا
يتسامى،
ولا ينطفئُ،
ولا تكسوهُ سديمُ

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!