ســمعتها صــدفة في ســاعة السَّــحَر تشكو من الهم والأحزان والضجر
بادرتــها بســــؤال كــــي تطمــئنني: أمــن جديد جرى يدعوكِ للكــدر؟
قالــت وقــد حاولت إخــفاء عبرتـها: الحــال لا تتوارى عن ذوي النظر
ألســت تعلــم مــا بي كــي تسـائلني؟ هذا الســؤال شــبيه الوخـــز بالإبر
يبكي الغريب على حالي ويرأف بي وأنت تســأل ما حالي وما خبري!
فقلــت: – يا أمِّ – عفــوا كم محـاولةٍ قمــنا بهــا لتفــادي حــالةِ الخــطر
كــم قــد بذلــنا لــدرء الــداء نمنعــه لكنــنا لــم نكــن أقــوى مــن القدر
فانســاب فــي عجــل أثنــاء غفلتنــا حــتى تغلغــل في الأحشــاء والفِقر
داء عصــــي عييــــنا أن نشــخصه حــتى هرعــنا إلى العــراف بالنذر
***
قالــت: ألم تعلموا ما بي لكي تجــدوا لي بلسما ناجعا ينجي من الضرر؟
طبــي يســــير ولا يحــتاج معجـــزة ولا مســيرا إلــى عــرافة الغجــــر
– أيــا بَنِــيَ – مصــابي في تغافلــكم عمــا يحــيط بكــم من غــائر الحــفر
مــا فــتّ في عضُــدي إلا تناحـــرُكم وما جــرت عبــرتي إلا مــن القَهَــر
أمــــر أريــد بليــل – لا أبــا لكـــم – وأنتــمُ عنــه فــي لهــو وفــي خـــدر
كنتــم – بنيَ – خيــار النــاس كلــهم واليــوم أصبحــتم مــن أهون البشــر
حــتى تجــاسر مــن لا تأبهــون لــه (ومعظم النار من مستصغر الشرر)
فاستضعفوكم وجــاسوا في دياركــم لمــا رأوا مــا بكــم من شــدة الخور
كـــأن أســلافكم لــــم يســقطوا دولا ولــم يخوضــوا غمــار البــر والبحَر
ولم يســودوا ربــوع الخــافِقَيْن ولــم تشــهد لهــم كتــب التــاريخ والســير
ولم يَصُل في أقاصي الصين جيشُهم ولــم يعــد من جــبال الألــب بالظفر
حــتى أتــى بعدهم من صُــلبهم فِرَقٌ أودى بهــم خُــلفهم فــي شــر منحدر
فبــاد مــا ملكــوا وزال مــا غنمـــوا وأصبحــوا خــبر الوعــاظ في السمر
واليــوم تمضــون فــي آثارهم تبعــا لــم تأخــذوا منهــم نــزرا من العــبر
حــب الزعامــة والأمــلاك أفقدكـــم أواصــر الديــن والتــاريخ والأســـر
فخضــتم الحــرب فيمــا بينكم سـفها وارتــاح أعــداؤكم من أهبــة الحــذر
فالكــل منكــم منــاه مــلء مخـــزنه وإن يُصَــبْ غيره بالبؤس والضــرر
***
لا تقلقوا لســت أخشى سوء خـاتمتي ولســت أجــزع من حظـي ومن قدري
خــوفي عليكــم إذا حـــانت منيتـــكم من أن تكــونوا حكـــايا كــــل معتبـــــر
من صلبكم سوف يأتي من يخلصني يعيــد لي مــا مضى من عهدي النضِــر
الرياض 23/6/2016