عَـجِـبْـتُ مِـنْـكَ مُـرِيــداً، فـي تَـقَـرُّبِـهِ
مَـوْتٌ، ويَـزْداد عِـشْـقـاً فـي مُسَـبِّـبِـهِ
تَسْـعَـى إلَـيْــهِ، وتَـدْري أَنَّ صِـبْـغَـتَـهُ
دَمُ الـمُـحِـبِّ عـلـى أطْــرافِ مَـلْـعَـبِــهِ
وَلَـيْس يَــحْــفَـــظ إِلَّاً لِـلَّــذي بُــذِلَـــتْ
دِمَــــاؤهُ طــاهِـــــراتٍ دُونَ مَــأْربِــــهِ
المـاءُ مـنـهُ سَـرابٌ، والـغَـمَــامُ سُــدىً
وأَصْـدَقُ الـوَعْــدِ مِـنْــهُ مِـثْــلُ أَكْـذَبِــهِ
سَلَّمتَـهُ الأَمْــرَ فاسْـتَـقْـوى عليكَ، ولَمْ
تَـبُــؤْ مِـنَ الـمُـرتَـقَــى إلَّا بـأَصْـعَـبِــهِ
فَـبِـتَّ في الدَّرْبِ أَعْشَىً قد تَخَبَّطَ في
وَحْلٍ مِـنَ اللَّيْـلِ أَخْفَـى عَـيْـنَ كَـوْكَـبِــهِ
مَـــرَّتْ بـبـالِـــكَ وَرْقَـــاوانِ بَـيْـنَـهُـمـــا
سِـرٌّ، فَـلَـمْ تَـهْــدِلا – لمَّا انتبهْتَ – بِــهِ
سِــرٌّ هـو الكِلْمَــةُ الـمَـخْـنُـوقُ كاتِمُهـا
يَخْشـى إذا قالهـا خُسْـرانَ مَـطْـلَـبِــهِ
أَسَــرَّتـا لا كـمـا يَحْكـي الـيَـمَــامُ إذا
غنَّى الضُّحى، أو بَكَى إقْبـالَ مَغْرِبِـهِ
بل كالنسيمِ لـدى النِّسـْرينِ، يَحْضُنُـهُ
يَفُـوزُ مِـنْ عِـطْـرِهِ الشَّـافـي بـأَطْـيَـبِـهِ
أصْغَيْـتَ لـكـنْ تَـوارى عـنـكَ حَرْفُهُمـا
مُسْـتَـخْـفِـيَـاً بِالوَمَـا عَـنْ أُذْنِ مُعْـرِبِـهِ
فاستسلمتْ روحُــكَ الحَـرَّى لِحَيْرَتِهــا
وانْـهَـــدَّ قَـلْـبُــكَ لـكــنْ دُونَ مَشْــرَبِـهِ
يـا مُدْلِجَــاً لـم يَـزَلْ يُغْـوِيـهِ مُـلْـتَـحَــدٌ
خَـلْـفَ المَـدى، مُسْتَجِيـراً مِـنْ مُعَذِّبِـهِ
ما ذاكَ إِلَّاكَ، قِـفْ، وارجِعْ إِليـكَ، فما
سِــواكَ يُـنْجِـي غَـريـبــاً مِـنْ تَغَـرُّبِــهِ
أنتَ الغريبُ عن الدنيـا، وعَنْـكَ، فـعُـدْ
طَيْـراً إلـى سِـرْبِـهِ، نَـهْــراً لِـمَسْـرَبِــهِ