ماضٍ مع الشِّعرِ
عَلّي أبلُغُ الشُّعَرا
فقد أطَلتُ بهذي الرِّحــلةِ
السَّفَـــــرا
مـاضٍ
وأحملُ ما قد ظلَّ مِن تَعَبٍ
قلبي
وذاكــــــــرةَ العينينِ
والصُّورا
مـــاضٍ
كــــآخرِ قنديلٍ
أصـــابِعُهُ
لَم تَبرَح الضوءَ
حتى شاخَ وانكسَرا
مـــــــاضٍ
لأُقنِعَ عَتمَ التائهينَ هُنا
أنَّ القصيدةَ مثلَ المُبصِرينَ
تَــــرى
وأنّهــــــا الغيمُ
حينَ الرّيحُ تخذِلُنا
على جفــــــافِ يدينا
أسقَطَتْ مَطَرا
وأنبَتَتنـــا بِبــــابِ الّليــــــلِ
أسئلةً
مِن النُّعاسِ
وصوتًـــــا أزعَجَ القَمَرا
ولَملَمتنـــا
كأن لا شيءَ يجمعُنـــا
إلاّ المَجــــازُ
على عُشّاقِهــــا انتثرا
ووزّعتنــــا على الدُّنيــــا
لنفتَحَها
ونصلبَ الحَرفَ فيهــا
بعد أن كَفَرا
هيَ القصيدةُ
يـــا كمْ قد ثمِلتُ بها
وكَم بِخمرَتِهــــــا المفتونُ
قد سَكِرا
هيَ القصيدةُ
مــا في القلبِ زاويةٌ
قد مَسَّهـــــا الشِّعرُ
إلاّ أينَعت خَدَرا
النَّشوةُ البِكــرُ
موسيقــى تُؤثِّثُنــــا
فنستعيدُ علـــى أنغامِهـــا
الصِّــغرا
ويرجِـــــعُ العُمرُ مَـــوّالاً
وقــافيةً
ويرجــــعُ القلبُ طفلاً
بَعدُ ما كبُرا
يــــــا أصدِقاءُ
ألا صبحٌ فيوقِظُني
فقد تقطَّــــعَ هذا الّليـــلُ
وانفَطَـــرا
وقد تكَــدَّسَ هَمُّ الشِّعرِ
في رئتــي
حتى أحــــالَ هوائــي
يابِسًا
عَكِرا
المُدَّعـــونَ
وبـــابُ الشِّعرِ يلفِظُهم
الّــــلاهثونَ على أبوابـــهِ
أُجَــــرا
السّابحونَ بعَكسِ الشِّعرِ
ما تركوا
رغـــمَ الصُّراخِ
على شُطآنهِ أثَرا
السّارِقــونَ دَمَ المعنى
وما فطِنوا
أنَّ الكـــــلامَ إذا آذيتَـــهُ
انفَجَرا
الشِّعرُ ليسَ مســـاءً
نســـتَعينُ بهِ
على فراغاتِنـا البلهاءِ
أو سَهَرا
لكنّـــهُ الموتُ
بعد المشــي أزمِنةً
على الجراحِ التي غَنَّتهُ
فانصَهَرا
فـــلا بـــلادَ لهُ
لا حـــدَّ يوقفـــــهُ
إذا تدفّقَ مِلء القلبِ
واستَعـــرا
فكَـــم وضيعٍ بــهِ
لَــم يرقَ مَنزِلَةً
وكَــم دَعيٍّ لهُ قد غابَ
واندَثَرا
الشِّعرُ دندنَــةُ الأحـــــلامِ
في يدهِ
عصًا تهُشُّ
وأخرى تقدحُ الشَّرَرا
والشِّعرُ يا صحبُ
قربانُ الجمالِ
إذا
سالَتْ دِماهُ
نَمَت أرواحُنا شَجَرا
الشّــــــاعرُ الحقُّ
مسكونٌ بِعَبقَرِهِ
كأنَّــــــهُ ساحرٌ
ما خــــالَطَ البَشَرا
كأنَّـــهُ
وعيونُ الكــــونِ ســـاهِمةٌ
عن الحقيقــــةِ
فينــــا أمعَنَ النَّظَرا
يُخزِّنُ العِطـــرَ
كــي يجتَرَّ أعذَبَهُ
ويعصِرُ الرَّملَ
كي يستنطِقَ الحَجَرا
الشــــــاعرُ الحقُّ مـــــوّالٌ
بِرقَّتِهِ
قد أسكَرَ العـازِفَ المفتونَ
والوتَرا
فلا تــزيدوا على ما فيهِ
مِن تَعبٍ
فقد كفـــاهُ على الأوجاعِ
ما صبرا
أقسَمتُ
بعد بــلوغِ اليأسِ أوردَتي
أنّ الزَّمـــانَ الذي نرجوهُ
قد عَبَرا
وأنّنــــــــا أمّـــــــةٌ
تجترُّ أبيّضَها
رغــم السَّوادِ الذي قد لَفَّها
عُصُرا
لو أدرَكَتْ شيخَنا الحـــلاّجَ
بلوتُنا
لَمَزّقَ الجُبَّةَ الخضــــراءَ
واعتذرا