الليل يغرق في متاهاتِ الدروبْ..
وأنا هنا
كالطفلِ يحبو في دجاهُ ولا يذوبْ..
وأرى الشوارعَ كلها غرقى
بأكوامٍ من الحزنِ المعتِّقِ في دمي..
خارت عظامي
منذُ أن تمَّ اكتساحُ الأغبياءِ لحلمنا
لطموحنا
لجبال أفئدة الرجلْ..
ماتَ الرجالْ..
وسطى على الأحلامِ
أشباهُ الرجالْ..
من أي جحرٍ يخرجون
كأنهم ظُللُ الغمامِ المنهمرْ..
لا ينتهون
كأنهم سحبُ الجرادِ المنتشرْ..
لا يتركون سوى الرمالْ..
أكلوا الحدائقَ
والسنابلَ
والغلالْ..
وجبالنا الشماء تحني رأسها
حزناً على الوطن الجريحْ..
لكننا لن ننحي للص
كي نحظى بخبز للعيالْ..
الجوعُ عكازي
وعكازُ الرجالِ الشامخينْ..
والشعب أشباحٌ
تسير على حقولٍ من رمالْ..
يتعكٌزون بجوعهم
لكنهم يتطلعون الى خيالاتِ الخيالْ..
الجوعُ عكازي
سأصعد شامخَ القهر بهِ
وبهِ سأغتصبُ المحالْ..
ولسوف نبعث في القرى الثكلى حياةً
حين ننسى جوعنا
وندوس ذلته بأقدام ثقالْ..
وطني فديتكَ
كيف صرت مطيةً للطامعين..
وصرت لحماً في شفاه الشامتين..
وطني بكيتك صادقاً
وأنا المتيم في هواكْْ..
وطني الجميل أنا فداكْْ..
من أين لي وطنٌ سواكْْ..
بكيت فيك مذلتي
ومهانتي
وبكيت قهر الأصدقاءْ..
أذ خاصموني دون ما سببٍ
سوى أني عشقتك صادقاً
وذرفت دمعي في رباكْ..
سيعود نورك ساطعاً
ويعود زرعك يانعاً
ويعود حب العاشقينْ..
ويعود يا وطني بهاكْ