سعد عبدالله الغريبي
هذه دراسة علمية صدرت حديثا للأستاذة آلاء الهامل في نحو ثلاثين ومائتيصفحة عن الدار العربية للعلوم (ناشرون). وقد نصت المؤلفة في صدر الكتاب على أنه بحث مكمل لمتطلبات درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب في جامعة الملك سعود. والتنويه عن الكتاب بأنه رسالة علمية سنة حميدة كانت شائعة بين المؤلفين إلى وقت قريب، ولست أدري لمَتخلى عنها كثير من المؤلفين المعاصرين والناشرين، مع أن الإشارة إلى أن الكتاب رسالة علمية – إن كان كذلك- يعطي الكتاب أهمية ويزيد من درجة الوثوق به.
موضوع هذه الدراسة عشر روايات سعودية صدرت في الفترة من 2006 إلى 2011تناول كل منها(الإقصاء)بشكل مغاير.
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول؛ فضلا عن المقدمة والتمهيد والخاتمة، وثبت المراجع والمصادر.
تحدثت المؤلفة في المقدمة عن ازدهار الرواية بدءا من انطلاقتها الفعلية في تسعينيات القرن الميلادي الماضي، وبينت أسباب هذا الازدهار؛ منها أنها لامست هموم المجتمع السعودي ونبهت إلى المسكوت عنه. وتناولت في التمهيد مصطلحي (العنصرية) و(الإقصاء) والعلاقة بينهما، وفرقت بينهما بأن العنصرية هي الاعتقاد بأن هناك فروقا وعناصر موروثة بطبائع الناس، أما الإقصاء فهو تهميش الأفراد بناء على الاعتقاد بوجود تلك الفوارق.
في الفصل الأول مبحثان؛ الأول بعنوان (تأخر ظهور الفن الروائي وعلاقته بالإقصاء) وقد عزت المؤلفة أسباب تأخر ظهور الرواية إلى تأخر التعليم النظامي، وتأخر طهور الطباعة والنشر مقارنة بالأقطار العربية الأخرى. وأيضا إلى سطوة الشعر على الأدب مقارنة بغيره من ألوان الأدب. ثم تحدثت عن أثر سلطة المجتمع على تأخر الرواية باعتبار الرواية بوحا بأسرار المجتمع. ومن الأسباب الأخرى تعد المؤلفة غياب النقد وتأخر ظهور الأندية الأدبية وقلة عنايتها بالرواية بحثا وتأليفا.
وفي المبحث الثاني من الفصل الأول الذي عنوانه(دور الإقصاء والتمييز العنصري ضد المرأة في تأخر ظهور الرواية النسائية السعودية)عدّت المؤلفة من مظاهر هذا الإقصاءنظرة المجتمع للمرأة، وتأخر تعليمها مقارنة بالرجل، ثم محاربة الكاتبة باعتبار الكتابة عملا لا يليق بها.
أما الفصل الثاني فكان عنوانه (إقصاء الشخصية وفقا لما تتبع له) وبحثت المؤلفة الإقصاء بحسب عوامل عديدة؛منها اللون (أبيض – أسود) فبينت أن بعض الروايات كانت انتصارا للون الأسود مثل رواية (جاهلية) لليلى الجهني، ورواية (ميمونة) لمحمود تراوري.
كما بحثت الإقصاء بحسب الانتماء (مواطن – أجنبي غربي- أجنبي آسيوي) وبينت اختلاف نظرة المواطن للأجنبي بين رواية وأخرى؛ فهناك روايات تنظر نظرة إعجاب للغربي، في حين أن الأجنبي الغربي في بعض الروايات من أصحاب المخدرات والجرائم. كما صورت بعض الروايات احتقار المواطن للجنس الآسيوي، وإطلاق النكات على بعض الجنسيات كالهنودمثلا، لكن في المقابلظهرتأصوات أخرى تنتصر للهندي وتعترف بذكائه وقدراته.
كما تناول هذا الفصل الإقصاء بحسب الدين (مسلم – غير مسلم) والمذهب (سني – شيعي) مع اختلاف بين الروايات بحسب ما يراه الكاتب. وكذلك الإقصاء بحسب الأصل (قبيلي – خضيري).وتركز معظم الروايات على اختفاء الإقصاء بحسب الأصل في كل مظاهر الحياة ما عدا الزواج. كما تناولت المؤلفة الإقصاء بحسب الطبقية (الغنية – الفقيرة) لكنها استنتجت أن التقسيم الطبقي في المجتمع – بحسب الروايات المبحوثة – يكاد يكون منتهيا. كما أشارت إلى الإقصاء بسبب التطرف،فأشارت إلى أن الروايات موضوع البحث أقصت الإرهابي، وجعلته شخصا منبوذا في المجتمع حتى من بين أقرب أقاربه.
وختمت الفصل بالحديث عن الإقصاء بحسب الجنس (ذكر – أنثى) وأثبتت الروايات وجود إقصاء للمرأة؛ وبخاصة المرأة العاملة في المجال الطبي والإعلامي،وانتصرت بعض الروايات لها – وبخاصة الروايات التي كتبها نساء – ونقدن ما يلاقينه من ظلم المجتمع حتى من منفذي العدالة.
والفصل الثالث عنونته المؤلفة بـ (الإقصاء من خلال مكونات الرواية) وعنت بذلك توظيف المكان للدلالة على الإقصاء. وقسمت الأمكنة إلى أمكنة عامة؛ كالمدينة والقرية، والصحراء والغابة، وإلى أمكنة خاصة كدور الرعاية والسجن والمنفى والمستشفى والجامعة.كما تناول القسم الثاني من الفصل توظيف الزمان للدلالة على الإقصاء. وتناولت أنساق الزمن. كما تناولت توظيف النص الموازي (العتبات) للدلالة على الإقصاء، كما فعلت صبا الحرز في عنوان روايتها (الآخرون).
وختمت المؤلفة الكتاب بثبت للمصادر (الروايات موضوع البحث) ثم المراجع (الكتب المطبوعة) ثم الدوريات، فالرسائل العلمية، والمراجع الإلكترونية.
الكتاب إضافة جديدة وجيدة للمكتبة العربية، يفتح شهية نقاد السرد للمزيد من البحوث التي تسلط الضوء على مسيرة السرد في أدبنا العربي والسعودي خاصة.