– كنتُ في حمصَ الّليلةَ !
أعلمُ..ستقولونَ أني كاذبٌ؛
فلستُ من جبلَّةِ الأنبياءِ لأُعيدَ معجزةَ المعراجِ؛
ولا من الأولياءِ الصّالحينَ كي تكونَ لي كراماتٍ وأحوالُ…
– قال الغرباءُ مثلي:
جُنَّ ابنُ فاطمةَ بعشقه؛
فحمصُ دونها مسافاتٌ تُعجزُ الرّيحَ
لو شبَّتْ
وفوّهاتُ موتٍ وجنودُ…
– قلتُ، سأحكي لكم إذن:
أيقظني الّليلةَ صوتٌ من نومي، وقالَ:
قُم ياعبدَ اللهِ… فقمتُ..
ولكي أمضي في الحلمِ أو الكذبةِ لأَقلْ:
أنَّ صاحبَ الصوتِ منحني جناحينِ وقالَ:
يمّمْ وجهكَ شطر (َالعديَّةِ)
وآيتُكَ أن تعودَ قبيلَ بزوغِ الفجرِ
لكن لن تُحضرَ من البلادِ شيئاً معكْ…
قلتُ: رحماكَ مولايَ
لو ذرّةٌ من ترابِ البلادِ
كي تَتمَّ المعجزة…
قالَ اصمت وإلاّ..
فقبلتُ رغمَ أنفِ الحنينْ…
وبينما أقصّ الرّؤيا، تهامسَ الغرباءُ مثلي ثانيةً:
جُنَّ ابنُ فاطمةَ وصار يهذي..
فقلتُ: أنا من يتّبعني الغاوونَ
لكنِّي صادقٌ في حضرةِ الحنينِ
وإن كذبتُ
وكاذبٌ حينَ أقولُ البلادُ بعيدةٌ
تلكَ إحدى كراماتِ العشّاقِ
فهل من مُريد..؟
– أَجهشَ الغرباءُ مثليَ بالدَّمعِ، وقالوا:
خُذنا معكْ…
خُذنا معكْ…