لأنّ البَحرَ لا يَشتاقُ أذرِعَةً لعُمرِ الصّمتِ؛
حَمَّلتُ الهوى أسرارَ أغنِيَتي،
وبارَكتُ الجُنونَ لأنّني أخشى الجُنونَ،
وأنتَشي لرَحيلِهِ في سرِّ موتِ السِّرِّ..
في زَحفِ الصّدى المَسكونِ بي عَبَثًا!
وهل ترَكَت رياحُ العُذرِ مِن سِرٍّ؛
ولم تودِعهُ جلدي المقشَعِرَّ لها؟
على وَشكِ الوُلوجِ إلى زَمانٍ لم يَكُن جلدي ببالِغِهِ..
لأكشِفَ أنَّ عينَ الغيبِ ما احتَضَنَت سوى لُغَتي!
وأنّ ملامِحَ الأهواءِ تَقبِسُ لونَ أسئِلَتي…
وأني من أساطيرِ الرّؤى عَبَّأتُ أورِدَتي.
يجيئُ، ولا يجيئُ الهاجِسُ الممتَدُّ من رِئَتي إلى رئتي..
وأنوارٌ تسيرُ بلا زَمانٍ عُمرُها شَفَتي،
تّذاوى وَردُها المقطوفُ مِن حُلُمٍ بلا لونٍ،
بخارِطَةٍ بلا أفقٍ،
كغيمٍ في أكفِّ الرّيحِ؛ تعوي،
ما لها جِهَةٌ..
تناهَت في جفونِ الصَّيفِ حينَ استَوقَدَ اللّاهونَ جُرأتَهُ؛
ولاذوا يبحَثونَ لهُم بِخاصِرَتيهِ عَن أثَرٍ،
ورَغمَ خيانَة الأمطارِ،
ظَلّوا في خبايا لَونِهِم كالأمسِ؛
مَحفوظًا بِذاكِرَةٍ تَجافَت عَن فضا اللّغَةِ.
ولي شَمسٌ بحجمِ يَدي تُنيرُ مَشارِفَ الأحلامِ؛
كَي يَنشَقَّ ليلي عَن مَعالِمِ سيرَتي الأولى،
وعن سَفَري على وَتَرِ الرّياحِ،
أعيدُ موتي ناضِجَ الثِّقَةِ.
وكَم أمّلتُ أن ألقى خُطايَ استَمطَرَت لُغَتي!
ليَنزِلَ عندَ شطِّ الحُبِّ إنساني،
ويَسكُنَ في فضاءِ الوُدِّ عُنواني،
ويَرجِعَ عَن جنونِ البَحثِ عن ذاتي صدى ذاتي،
ويَعبُرَني، ويَنساني..
لتَعلُوَ في فضاءِ الحُبِّ أغنِيَةٌ؛
تُراوِدُ مَوسِمَ الأحزانِ عن آثارِ وِجدانٍ.
وتَسرِقُ مِن عُيونِ الشَّمسِ قُبَّرَةٌ مداها في ازدِحامِ الغَيمِ؛
نحوَ مسيرِها الممتَدِّ من دُنيا بَراءَتها،
إلى ما قَد يَبُثُّ الحَدْسُ في حُمّى حَماسَتِها مِنَ الأحلامْ؛
وبَعضُ الحُلمِ فَتّانُ!
دمي أفقي…
فلا تنزع وريدَكَ من وَريدي.
يَدي غَيثي..
وقَد يُحيي البَعيدَ نَدى البَعيدِ!
ومِن خُطواتنا تستَيقِظُ الصّحراءُ كي تَغدو:
لقلبِ الرّيحِ أغنِيَةً،
وللماضينَ نحوَ مطالِعِ الأنوارِ بوّابَة.
عيونُ الشّمسِ تَعشَقُ هدأة النّوّامِ؛
أسطورِة.
تصيرُ الأرضُ للعُشّاقِ جَنّاتٍ بغيرِ الجَدِّ؛
أسطورَة!
تقاتِلُ دونَكَ الأقدارُ، والأرياحُ، والأمصارُ…
أسطورَة!
يعودُ إليكَ ما ضَيّعتَ دونَ كِفاحِ؛
أسطورة!
فقم واجعَل عيونَكَ مشعَلَ الثّورَة.
::: صالح أحمد (كناعنة) :::