ألوِّحُ للريحِ
كي تستعيدَ الحُلُمُ،
وأزرعُ في الأفقِ وجهًا
يُنادي الفراغَ،
ويُخفي بدربِ الغيابِ نَغَمُ.
فأيُّ وداعٍ يجيءُ؟
وقلبِي مقيمٌ لديكَ،
كأنَّ الزمانَ يُفتِّتُ صُلبَ الليالي،
كأنَّ المدى يبتسِمُ.
أمدُّ يدي نحوَ صمتٍ
يُفيضُ بنورِكَ،
ألقاكَ نجمًا يضيءُ الفضاءَ،
وماءً يبعثُ في مقلتيَّ
بريقَ السَّلَمُ.
فأعلمُ أنّي إذا ما رحلتُ،
تبقّى خُطاكَ،
وتبقى الكواكبُ تُشعلُ في ليلِ روحي
سؤالَ الوجودِ،
وتعزفُ في دمعةِ الصبحِ
ألحانَ وهمٍ قَديمٍ يُدِمُ.
أخبّئُ وجهي بظلِّكَ
كي لا يطولَ غيابُكَ،
كي لا يقولَ الرحيلُ:
مضى سرُّ قلبي وقامَ السَّقَمُ.
فحبّكَ فوقَ الجهاتِ،
وأبعدُ من أيِّ موتٍ،
كأنَّ الفناءَ مزارٌ لعينيكَ،
كأنَّ العدمْ
كتابٌ يفسِّرُ سرَّ البقاءِ،
ويكتبُ في لحظةِ الحلمِ
أنَّكَ فجرٌ يُقِيمُ.
أقولُ وداعًا،
وليسَ وداعًا، ولكنْ
أُشيِّعُ صبري إلى بابِ حُلمٍ
يُقيمُ على جرحِ صمتي،
وأهديكَ وردَ الأنينِ
ليُثمرَ في كلِّ صَدرٍ نَغَمُ.
فخذني إليكَ،
إلى حيثُ تغفو المجرّةُ بين يديكَ،
إلى حيثُ تُفتحُ أبوابُ سرٍّ قديمٍ،
إلى حيثُ ترتّلُ روحي تراتيلَ ضوءٍ،
وتذوبُ لتعلنَ أنّكَ أبهى يقينٍ،
وأنَّكَ وحدَكَ
تدومُ