كانت تخيطُ الليلَ
من شَعرِ المدينة،
والنوافذُ لا تنامُ،
كأنها
خُلِقت لتغزلَ من تنفّسِها
بيانًا… لا يُذاعْ،
تمشي،
فتفتحُ ضوءها
وتهيلُ من كحلِ العزيمةِ
فوقَ أعمدةِ الجياعْ،
هي لا تقولُ…
لكنها تمضي بملء الصمتِ
تُبكي كل جغرافيا القطيعِ…
ولا تُباعْ.
أهدت فصولَ النخلِ
موعدها،
وقالت للبساتينِ
التي
نُفِيتْ من التاريخِ:
عودوا،
فالأشرعةُ العمياءُ
ألقَت مجدَها في راحتي
ثم اغتربتْ،
من قال إن القيدَ
لو تلِفَ الزمانُ به
يصيرُ هو النجاةْ؟
خلعتْ من الجبهةِ منديلًا
وسارتْ،
وادّعى الماضي
— على خجلٍ —
بأن “الآنَ”
أنثى من سلالةِ
مَن صعدنَ الفجرَ
لا يُحوينَ إلا الشامخاتْ.
قالوا:
سيأتي الإمامُ،
ولكن بوشمِنا…
برقّنا،
بلباس سائحٍ من المجْد السجينْ،
قالوا:
سيهدي الأرضَ فُتاتًا
من سنابلنا،
ويجعلُنا نسيرُ إلى الحقولِ
بلا يَمينْ…
قد علّقوا أسماءَنا
في دفترِ الخوفِ الطويلْ
وسقوا النشيدَ…
ولا نشيدَ
سوى ارتجافِ المؤمنينْ
من البكاءِ على الأناشيدِ الجميلةِ
حين تُقصَفُ في المنابرِ
مرّتينْ.
أنثايَ،
يا لغةَ الجسارةِ في القصيدْ،
نسجوا المدينةَ حول خصركِ
من حريرٍ ميتٍ،
وسألتُ:
من رسم الابتسامةَ في خطاكِ
ولم يوقّع تحتها؟
قالوا:
لعلّ الغيمَ
أخفى مهرها بالحزنِ،
ثم تنصّلَتْ
أصداءُ من رحلوا،
وأُوصدَ بابها…
تلك التي
ألقتْ على التاريخِ ضفّتَها،
وصارت أنشودةً
لكنّها
خُطّت على الخُذلانِ بالحبرِ الخفي،
تلقي على صدري البلادَ،
ولا تُسلّمني إليّ،
وتقول:
كن لي،
أو دع الأوطانَ للغرباءِ
ينجو بعضُها… في الشعرِ
أو يبقى على دمعي ندي.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية