تَرَاتِيلُ عَرَّافَةٍ
(يَهْدِلُ… وَيَرْحَلْ …
أرتّبُ ما قد… يُعيد من حواصل الطّير صوتي):
يَدِي فِي يَدَيْكَ،
وَفِي رَاحَتيَّ دُروبُ الأَمَانِي…
فَرَاشٌ تَعَمَّدَ بِالنُّورِ…
ضَمَّ الْجَنَاحَيْنِ حِينَ احْتِرَاقِي
وَضَوْءٌ مِنَ الْبُعْدِ لاَحَ
وَبَيْتٌ، بِمِنْدِيلِ شَوْقٍ، يُحًيِّي
تُنَادِيكَ حِيطَانُهُ وَالشُّقُوقُ:
«إِلَيَّ…
فَغُصْنُ الْفُؤَادِ تَكَسَّرَ
مَا عَادَ يَأْوِي غِنَاءَ الطّيُورِ،
جِدَارِ ي تَدَاعِى…
وَسِرْبُ الْحَمَامِ مَضَى بِالْهَدِيلِ.»
وَحِينَ أَرُجُّ الْخُطُوطَ بِرَاحَةِ يَدِّكَ
أُبْصِرُ عُمْرِي…
شِرَاعًا… نَأَى عَنْ ضِفَافِ الأَغَانِي، وَخِصْبِ الْقَصِيدِ.
وَأُبْصِرُ خَطًّا تَعَثَّرَ طَيْرِي بِهِ ذَاتَ شَوْقِ
فَرَاحَ يُرَفْرِفُ مِلْءَ الْجَنَاحَيْنِ… يَهْوِي كَسِيرَ الرَّجَاءِ،
وَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ مَعَ كُلِّ فَجْرٍ
يُعيرُ شفاهيَ أَوْرَادَهُ فِي صَلاَتِي.
مُعَلَّقَةً بِنَشِيدِي الْـمُقَدّسِ كُنْتُ، بِرَاحَةِ يَدِّكَ…
صِرْتُ صَدًى لِفَحِيحِ اغْتِرَابِي.
تَكَسَّرَ صَوْتِيَ مَا عَادَ يَتْلُو هَدِيلَ الْـمَرَايَا،
وَمَا عَادَ لِي مِنْ نَشِيدِي سِوَى غُصَّةٍ
تَلُوكُ حروفيَ رِيحًا،
وَتُودِعُ صَوْتِي حَوَاصِلَ طَيرٍ يُهَاجِرُ… لاَ يَسْتَرِيحُ… ولاَ أَسْتَعيدُ صداهُ،
وَتُوصِدُ دُونَ نَشِيدِي سَمَاءَ الْعُبُورِ إِلَى زَفَرَاتِي.
أَرُجُّ الْخُطُوطَ، أَرُجُّ طَوِيلاً…
يَطُوفُ بِحَلْقِ الْغِنَاءِ صَدًى طَائفٌ مِنْ هَدِيلكَ، يَتْلُو نَزِيفِي
فَيُزْهِرُ غُصْنٌ بِفَوْضَى الْخُطُوطِ…
يعود الحمام
ويطلق عمري هديلا
يُفَتِّحُ فِي الرُّوحِ ذَاكِرَةً لِلْقَصِيدِ
أَشُدُّ عَلَى الْغَيْمِ فِي رَاحَتَيَّ
لَعَلَّ بِصَوْتِي يَصُبُّ نَدَاهُ فَيُحْيِي مَوَاتَ غِنَائِي.
يَدِي فِي يَدَيْكَ وَتَمْضِي وَحِيدًا…
وَأَمْضِي يُظَلِّلُ طَيْفِي حَمَامٌ، غَمَامُ الرَّجَاءِ.
فَهَلْ، غَيْرُكَ، يَا حَمَامُ، يُعِيدُ الشِّفَاهَ إِلَى أُغْنِيَاتِي؟