وُلِدتُّ وَفي جَوفِ الزَّمانِ مَلاحِمٌ
تُفجِّرُ في صدري حرفي الزَّاخِرا
رَضَعتُ جِراحَ العُمرِ حَتّى غَدَتْ دَمي
فأَمسيتُ أَنزِفُ بالحُروفِ مَآثِرا
أُشَيِّدُ مِن أَطلالِ أَمسٍ مَآذِناً
تُنادِي على أَوجاعِ قَلبٍ حَائِرا
وَأَعبُرُ صَحراءَ الأسى مُتَعطِّشاً
فَيسقِيني دَمعي فَوقَ رَملٍ ساهِرا
تَناوَحَ في رُوحي صَدى كُلِّ قَاصِفٍ
فأَصبَحتُ مِثلَ الرَّعدِ يَصرُخُ زاجِرا
وَحَملْتُ همّي كَالجِبالِ فَأَوجَعَت
وَما هَزَّنِي رَغمَ الثُّقُولِ زَوابِعا
أُؤرِّقُ أحلامي كَأَنّي مَراكِبٌ
تُصارِعُ في بحرِ المَنَى أَلفَ قاهِرا
فَيا شاعِراً صَيَّرتَ حُزنَكَ ضَاحِكاً
أَنا صُرتُ في عَتمِ الجِراحِ مَنابِعا
وَيا مَن شَنَقتَ الحَرفَ حَتّى تَفَتَّتَت
أنا أَبعَثُ الأَحرفَ المَوتى جَواهِرا
إذا سالَ حَرفي أَضرَمَ النّارَ في دَمي
فأَوقدَ مِن جُرحِي لَهُباً ثائِرا
وَإِن طَفِقَ الماضي يُلاحِقُ مُهجَتي
أَذُوبُ كَشَمعٍ في اللّيالي ناذِرا
هُوَ الشِّعرُ نَهرٌ لا يَجِفُّ مَعينُهُ
يُساقِي قُلوبَ البُؤسِ نَخلاً ناضِرا
وَمِن وَجعِ الجُوعى إذا ذَرَفوا دَماً
أُفَجِّرُ في كَفّي القَوافِي مَنابِعا
فَلا تَحسبوا أَنّي وُلِدتُّ مُسَخَّراً
وَلكنّي اخترتُ الحُروفَ مَصائِرا
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية