خصام/شعر:مصطفى الحاج حسين(اسطنبول)

تسألُني عنكِ القصيدةُ
تَمُدُّ الكلماتُ أعناقَها منْ كوَّةِ قلبي
فأزجرُها
وأصرُخُ بوجهِ لغتي :
– سأحطمُكِ..
إن قلتِ عنها شيئاً
فلن أكتبَ عنها بعدَ اليومِ
هي لا تستحقُّ
وأنتِ لا تؤثرينَ فيها
هي..
تتزيَّنُ فيكِ أمامَ مرآتِها
ترضي غرورَها فيكِ
لا أكثرَ
تلهو بنارِكِ لِتُدفِئَ وحدتَها
تحسبُ نزيفي ماءً
لتغسلَ رجليها به قبلَ أن تنامَ
لن أكتبَ عنها أبداً
أصدرتُ أوامري
فحاذري العصيانَ يا قصيدتي
والويلُ لكِ إنْ فكَّرتِ بخيانتي
سأمزِّقُكِ.. وأحرقُكِ
وأعلّقُ الكلماتِ من عرقوبِها
افهميني..
فحبُّها ماتَ في داخلي
ولم تعدْ تَعنيني بشيءٍ
ولم أعدْ أهتمُّ بها
أطيعيني يا قصيدتي
ولا تلتفتي نحوها
اعتبريها.. غيرَ موجودةٍ
هذا الضْوءُ الذي تظنينَهُ منها
ليس منها.. صدِّقيني
هناكٌ في الدُّنيا شمسٌ
وهذا الشَّذى ليس من رائحتِها
هناكَ في الطبيعةِ وردٌ
وهذا الندى ليس منْ أصابعِها
هناكَ في الفضاءِ فجرٌ يأتي
فلا تظنيها مصدراً للحياة
وأنَّ القمرَ يطلُّ منوِّراً من أجلها
لا يا قصيدتي
تلكَ الأقوالُ كانت مبالغةً منِّي
فمنْ قبلِها كانتِ الأرضُ تُزهرُ
وكان للبحرِ موجٌ
وكان قد سبقتْها النجومُ بالتوهُّجِ
أُؤَكِّدُ لكِ يا قصيدتي
أنّ الموسيقا أقدمُ منها بالوجودِ
وأنّ الأرضَ كانت تدورُ
قبل أن تحبلَ بها أمُّها
حتَّى أنَّ اللغةَ والكلماتِ تكوَّنتْ
قبل أنْ تخلَقَ
هي..
إمرأةٌ عاديَّةٌ
مثلَ كلِّ النساءِ
أنا..
منْ أعطاها هذه الشهرةَ
وأنا من صنعَ منها هذه الأسطورةَ
باللهِ عليكِ يا قصيدتي
لا تخذُليني
طاوعيني ولا تذكُرِيها
حتى في سرِّكِ..
انسيها
وإنْ صادفتِها
تجاهلي دقَّاتِ قلبي
ولاتشهقي.. أو تتبعيها
خاصمتُها أنا.. فخاصميها
وإنْ شاهدتِني ضعفتُ
ذاتَ يومٍ..
وأردتُ الكتابةَ عنها
تمرَّدي عليَّ
ولا تكتبيها .

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!