غرقتُ في دمعِ روحي وانحنى ظهري
وشفَّني الوجدُ من بُعْدٍ ومن قهرِ
واستمطرتْ مقلتي أنَّاتُ حشرجةٍ
يعلو بها الصوتُ كم نادتْ على الفجرِ
ردَّ الصدى صامتًا يقتاتُ من ألمٍ
لظلمٍ أهلٍ بدا في القلبِ يستشري
فهل يفيقُ من الغيباتِ كدَّسها
مَرُّ الزّمانِ ، وكم عانت من الصبرِ
وأوغلتْ في مرارِ القهرِ فُرقتُنا
وحافنا البؤسُ في أنَّاتنا يسري
ولوَّحتْنا شموسُ الضَّيمِ يُؤلمُنا
مُرُّ اغترابٍ تجرَّعناهُ في خُسْرِ
ما عاد للصبرِ في أرواحنا أملٌ
بل فاض كيلٌ وزادتْ حُرقَةُ الجمرِ
وكم كوتْنا وما زالتْ تُحرِّقُنا
مهما نغذُّ الخطى في عتمةِ السيرِ
جراحُنا ينزفُ الشريانُ دفقَتَها
وكيدُ من أولموا للموتِ والنَّحرِ
صار انتصارا لمن سُرُّوا لنكبتنا
وأوغلوا في عداءٍ بالدما يجري
دماؤنا كم روت أرضًا نقدِّسُها
وكم تلألأ في آفاقها بدري
وأبحرتْ سفنُ التاريخِ يُربكُها
تلاطمُ الموجِ في مدٍّ وفي جزْرِ
لكنَّها لم تُضَيِّعْ قطُّ وجهتَها
نحوَ الرجوعِ من التشريدِ والقهرِ
مهما عتا الموجُ لا خوفٌ سيقعِدُنا
ولا انهمارُ رصاصٍ فاضَ كالنهرِ
جذورنا أوغلتْ عمقًا بتربتنا
وتلك أغصاننا تخضرُّ كي يسري
دمُ الفداءِ بأجيالٍ تباركُها
إرادةُ الله في سرًّ وفي جهرِ
فلنمضِ يا أهلنا في دربِ عزَّتِنا
فليسَ للحرِّ من ضوءٍ سوى النّصرِ