باق بقلبك حبها أم غادرا
وصبابة الذكرى تعيدك أصغرا
هل تذكر الأحلام لما أزهرت
في مقلتيك صبابة وتوترا
شتان ما بين الكهولة والصبا
ما بين أن تمضي أماما أو ورا
شتان ما بين الشتا في بدئه
دفئا وفي كانونه متزمهرا
ميسون أذكرها التفاتةُ وجهها
بدر تكامل في الفضاء منوّرا
في جيدها عقد كأن حروفه
بركان شوق يستثيرك أحمرا
كانت إذا تمشي العيون تحوطها
يرقبن أيقاع الخطا المتحيّرا
كانت إذا تمشي الطيور تحفّها
لكأن في المريول مرجا أخضرا
متحلقات حول درب مسيرها
متلعثمات في الطريق تبخترا
ميسون أذكرها خيالا منعشا
أو مدهشا متعاليا فوق الذرا
كانت إذا تحكي الكلامُ يبوسها
لكأن في الكلمات سراً مضمرا
كانت كأجمل ما تكون نضارة
وتدللا وتغنجا وتحضّرا
شقراء لا… بل هكذا هي ربما
في ناظريك… وكنت غرا أسمرا
فهنا ضياء البدر يسقي روحها
نورا لتنتعش الخدودُ وتزهرا
وهنا استعار اللوز لونَ عيونها
وهنا استحال التين نهدا مبهرا
وهنا كؤوس الماء تأخذ طعمها
لما شربن من الشفاه الكوثرا
كم أزهرت في ناظريك خدودها
لما تمايس غصنها وتكسّرا
وكم استفزك طيفها لما سرى
فجرا ففجر من عيونك أنهُرا
ريان تستجدي الندى من ظلها
حتى روتك فصار بوحك مقمرا
فهي التي ارتشفت جنونك أولا
وهي التي رسمتك روضا مزهرا
عاكستَها… كلمتَها متلعثما
مترددا… متقدما متأخرا
خجلا قليلا بل كثيرا ربما
ما عاد صوتك ناطقا ومعبّرا
آلان عدت لعهدها متشوقا
زمن التشوق يا صديقي أدبرا
ماذا بقلبك من بقايا حبها
العفوي حين استوقفتك مؤخرا
نشوان من وَلَهٍ عليها أو بها
وصبابة الذكرى تعيدك مبصرا
ماذا جرى في العمر لما غادرت
ذلّ الربيع وطال بؤسك أعصرا
واختل صوت الوقت طال أنينه
في مسمعيك فظل قلبك مقفرا
مذ غادرتك عيونها اختلف المدى
وجرى السحاب بماء دمعك ممطرا
والآن أنت وطيفها كسحابة
صيفية مرّت بقلب أصفرا
ما ودعتك عيونها لما مضت
في شأنها وبقيت تندب ما جرى
فعلام تستدعي الخليل وبنتها
أترى تعيد لك الشباب المدبرا
تخطو بأحلام الشباب مسابقا
غيم السماء فإذ بخطوك للورا
خطرت تعيد لك الحياة بأسرها
وتثير جرحا في فؤادك أخضرا
كم غصت في بحر الرمال مغامرا
ورجعت تنتظر الزيارة في الكرى
كم خضت في بحر الخيال لأجلها
ورجعت تلتحف القصيدة مئزرا