ستسهرُ ليلًا ما،
لترعى ذِئَابَهُ
وتحرسَ من غدرِ الصباحاتِ غابَهُ
ستسهرُ ليلًا
لا لتُحصِي نجومَهُ
ولكن لكي تحسُو وحيدًا عذابَهُ
ستسهرُهُ
_ حتى النهايةِ _
قانتًا
تُقاسِمُه أحزانَهُ واكتئابَهُ
تُدَثِّرُهُ بالدمعِ من كلِّ وحشةٍ
وتُؤنِسُهُ من كل فَقدٍ أصابَهُ
تبوحُ له أسرارَ عينيكَ كلَّها
فيُرخِي عليها _ بامتنانٍ _ حجابَهُ
وتخبرُهُ عن فرحةٍ ما؛
فينتشي
وتحكي له عن أيِّ جرحٍ، فَيَابَهُ
تُحدِّثُهُ عن أغنياتٍ تصَحَّرت
وعن أصدقاءٍ كالأعادي، تَشابَهُوا
وعن شجرٍ صلَّى إلى الغيمِ ظامئًا
ليملأَ من ماءِ الأماني جِرَابَهُ
وعن وطنٍ يُهدي البعيدِين تَمرَهُ
ويغرسُ في صدرِ المُريدِين نَابَهُ
وعن أملٍ ما ذُقتَ إلا نَجِيعَهُ
وعن موعدٍ لم تَلقَ إلا غِيابَهُ
وعن شُرفَةٍ في القلبِ،
تبدو مُطِلَّةً
على عارضٍ ما زلتَ ترجو انسكابَهُ
وما زلتَ يَا طِفلَ المَواعيدِ مُثخَنًا
تُغَالِبُ حرمانًا تَعدَّى نِصَابَهُ
وما زلتَ
_ وَيلِي منكَ يا وَارِثَ الأَسَى _
تَتُوقُ إلى المَنفَى،
وترجو اقتِرابَهُ
تُلَوِّحُ للآتِينَ من كلِّ غربةٍ
ومنفاكَ معنىً
لم تجد بعدُ بابَهُ
وتسهرُ ليلًا
لا لتُحصي نُجومَهُ
ولكن لتَحسُو في خُشُوعٍ ضَبَابَهُ
وتحرُسُهُ من وحشَةِ الفَقدِ
عَلَّهُ يُنَادِمُكَ الشَّكوى
ويَنسى ارتِيَابَهُ
تَقولُ لَهُ:
إنَّ الصداقاتِ خُدعَةٌ
أبَارِيقُها رملٌ،
عرفنا سَرابَهُ
فلا تَبتَئس إن كُنتَ من غيرِ صاحبٍ
فما كلُّ من نادَى صديقًا أجَابَهُ
وهأنذا،
لا ليلَ إلا صَحِبتُهُ
ولا أُفُقٌ إلا قَرَأتُ كِتابَهُ
فلا تَخشَني،
إنِّي حريقٌ مُؤَجَّلٌ
سَيُشرِقُ إن حَكَّ الحنينُ ثقابَهُ
وكُن صاحبي،
إنِّي نَدِيمٌ مُسالِمٌ
يحِنُّ إلى ليلٍ يُضِيءُ رِحابَهُ
ويسهرُ ليلًا مَا،
ليَرعى ذِئَابَهُ
ويحرسُ من غَدرِ الصباحَاتِ غابَهُ.