سلام يا صاحبي/بقلم:علي بريج

يا صاحبي أقيلاني أقيلاني
فقد سئمت اصطحاب العالم الفاني

سئمت نومي بعين نصف مغمضة
خوف الكوابيس عند النوم تغشاني

سئمت ما تدع الأحلام في خلدي
وكم أشيح بوجهي حين تلقاني

سئمت صحوي فلم أعبر به حلما
ولا رست سفني فيه بشطآن

لا تطلع الشمس إلا وهي كاسفة
ولا تمر على حي وديوان

قد استوت الليل عندي والنهار فلا
أدري من العيش الا ليل أحزاني

قالوا :مع الفجر تأتي الطير صادحة
فما لطيري بلا فجر وألحان

قد مات في صدرها اللحن المذاب هوى
وفي مناقيرها يجري الدم القاني

ولا أرى من رياض وهي مزهرة
ولا أرى من شقائي خضر أفنان

تبدو الديار لعيني وهو خاوية
مثل الجسوم بلا روح ووجدان

أعجاز نخل وأحجار بلا ظلل
كأنها مهج في قعر نيران

ضاق الفضاء فما فيه لباصرة
مرأى وما فيه تطريب لآذان

لا صوت غير عواء في مساربه
كأنها صوت ريح بين جثمان

وكم تمر وجوه لست أعرفها
كأنها صور من عالم الجان

ولست أدري أعهدي ذا فأحمده
أم لعنة تتمشى دون أزمان

من أين لي ببساط الريح يحملني
إلى بلاد فأنسى جور بلداني

إني سئمت بلاد الجنتين بلا
جنى سوى ما به تسخو يد الجاني

سئمت فيها وقوفي دون منسأة
يأسا وقد حام حولي الف شيطان

ولم تدل أحبأئي على سأمي
أصداء حزني ولا شجوي وأشجاني

وأين هم ؟ وبقاع الأرض تنكرهم
مشردون بلا أهل وأوطان

وأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم
كأنها من بقايا عهد باذان

يا صاحبي إذا ما شئتما سفرا
دوني فدونكما رحلي وأظعاني

سيرا ولا تنيا عن ذكر صاحبكم
لطفا ولا تحملا همي وأضغاني

إني ألفت يد العدوان من صغري
فلم أعد أتحامى اي عدوان

عدت علي صروف الدهر طاحنة
ولم تغادر رحاها اي شريان

كأنما كان ميلادي على قدر
مع الهموم فلم أهنأ بتحنان

ولست أدري أألقى الأقربون لدى
ولادتي بقماط ام بأكفان

ما بين مهدي ولحدي ألف فاجعة
لعل أهونها رزئي بخلاني

لم يبق لي الدهر إلا منزلا صدئت
أبوابه وفؤادا دون سلوان

وكم مسكت بقلبي أن يطير أسى
وكم تحسست خوف الفقد إيماني

ولم يعد لي في الآمال من فسح
ولا التعلل بالآمال من شأن

إني شهدت وفاتي حين فارقني
صحبي وما عاد يجدي طول كتماني

يا سالم الخير ما الدنيا مسالمة
من عاش فيها على طهر وإحسان

تحنو الحياة على القاسين أفئدة
وتستحق فؤاد المؤمن الحاني

هي الحياة غرور كم نراودها
وحظنا من يديها كل نكران

قد عشت فيها حياة الأولياء بلا
من وكنت لعان خير معوان

وما شكوت ظروف أو مددت يدا
ولم تذل ولم تهتف لطغيان

ضاقت بك الأرض لكن ها هي انفتحت
لكل مرتزق في الأرض خوان

ها نحن دونك ما للموت لم يرنا
ولم يرق لخطاه أي إنسان

رأى العناوين هذا الموت شائهة
فراح يختار منها خير عنوان

وعادة الموت لا يبقي لنا حسنا
من الرجال ويبقي التافه الواني

أستغفر الله هذا من مشيئته
ولا أبدل إيماني بكفران

الله شاء وما قد شاء نحمده
وما لنا غير وجه الله من ثان

إن لم يطب لك عيش في مرابعنا
فحسبك الخلد حيث المورد الهاني

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!