كأنَّكَ لَو نَظَرتَ لَهُ مَلِيَّا
ترَى رِضوانَ بارِئهِ جَلِيَّا
وإن أمعَنتَ آنَستَ امتِداداً
لِآلاءِ السَّماءِ عَلى المُحَيَّا
هُوَ القامُوسُ تَسكُنُهُ المَعانِي
فَيَمنَحَها اتِّساعاً أبجَدِيَّا
هُوَ الآتي مِنَ الفِردَوسِ يُلقِي
على الدُّنيا قَمِيصاً يُوسُفِيَّا
تَناهَبَهُ الرَّدَى فازدادَ عُمراً
لِيَبقَى رُغمَ أنفِ القَبرِ حَيَّا
على الأهدابِ صَمتٌ سَرمَدِيٌّ
يَزفُّ صَداهُ لَحناً سَرمَدِيَّا
فَزَهرُ شَبابِهِ مازالَ غَضّاً
على أغصانِ هامَتِهِ طَرِيَّا
ونَظرتُهُ تُجيبُكَ في ذُهُولٍ
لماذا غادَرَ الدُّنيا صَبِيَّا
كَأنَّ شُرُودَهُ أبياتُ شِعرٍ
تُطَوِّعُ للمَجازاتِ الرَّوِيَّا
تَدَبَّرَ (قُلْ هُوَ اللهُ) صَباحاً
فَآثَرَ ( عِندَ ربِّهُمُ ) عَشِيَّا
يُزاحِمُ طَلحَةً ويَجُوزُ كَعباً
ويَلمَحُ مَدَّ قامَتِهِ عَلِيَّا
ويَجنِي مِلءَ ضِحكَتِهِ سَلاماً
ويُبطِلُ سِحرَ مَن ألقَوا عِصِيَّا
طَوَى دَربَ السَّماءِ على يَقِينٍ
وفي مِعراجِهِ وَطَأَ الثُّرَيَّا
وطاوَلَ في رُبَى الجَنَّات رَوضاً
فَجاوَرَ في مَنازِلهِ النَبِيَّا
سَلُوا حِمصَ العَدِيَّةَ كَم أحالَت
حِجارَة أرضِها بَشَراً سَوِيَّا
سَلوا بابَ الدُّرَيبِ عَنِ الغَيارَى
إذا ما استَيأسُوا خلَصُوا نَجِيَّا
وَكَم لِلوَعرِ سَادَت مُفرَداتٌ
تَخِرُّ المُفرَداتُ لَها جِثِيَّا
أخا الشُّهَداءِ عِشتَ العُمرَ بَرّاً
ولَم تَكُ فِيهِ جَبَّاراً شَقِيَّا
سَتَخلُدُ في النَّهَى ولسَوفَ تَبقى
على هذا التُّرابِ دَماً زَكِيَّا