ليلٌ وتَرتَسِمُ العُيون
تَرنو إلى أفُقٍ بِلا لَونٍ لَدَيهِ يُؤَمِّلون…
أن يُفرَجَ البابُ الذي مِنهُ إلى صُبحٍ بَعيدٍ يَرحلون..
وسَيَسلكون..
حَتمًا طَريقًا فيهَ يُمكِنُ أن يَكون
لَونٌ يُعَلِّمُنا مَعاني أن نَكون!
وعلى عُيونٍ لَم يَرُعها الرَّوعُ يَصلُبُني السُّؤال:
لِمْ نَحنُ مُنذُ البَدءِ – بَدءُ اللَّيلِ- كانَ رَغيفُنا نَزفَ الجَبين؟
الحِلمُ مِلءُ دَمي رُؤاه
عَريانُ أنضَحُ وَحدَتي
لَيلي تَوَلَّدَ مِن فَمي
والدُّلجَةُ العَمياءُ مَثواها دَمي
أمسي غَدا عُذري… ويَومي دُلجَتي…
خَوفي جَنينٌ قَد نَذَرتُ بِأن أسَمّيهِ الغَدَ
عَريانُ ألبِسُ وَحدَتي
صَبرًا إلى يَومٍ يَموتُ القَهرُ في طَرَفَيهِ قَهرا
اللَّيلُ يُجهِضُ أنَّتي
مِن أيِّ لَونٍ في فَضاءِ القَمعِ يُمكِنُ أن يَلوحَ بَريقُ عيد؟
في اللّيلِ تَمتَلِئُ العيونُ بِنا.. وتُسلِمُنا الحُدود…
لِعوالِقِ الذّكرى، ونُنكِرُ أنّنا بالأمسِ كانَ لَنا كَيان
واللَيلُ يَقتاتُ اللّهاثَ، ولَيسَ مَن يَأتي؛
ليَفتَحَ ذلكَ البابَ الذي مِنهُ إلى صُبحٍ غَريبٍ يَرحَلون
اللّيلُ والدّمُ والمَخاوِفُ والدّخان…
بُقَعٌ بِخارِطَةِ التَّرَدّي.. لا زَمانَ، ولا مَكان
أعَلِمتَ ماذا خَلَّفَ الماضي لأزمانٍ مِنَ الجُدران؟
أجَهِلتَ؟
ما أوصى بِدارٍ أو تُرابٍ أو طَريق…
قال احمِلوني؛ واكتُبوا للرّيحِ بَعدي والزّمان:
ما عاشَ حُرًا من أوى كَهفَ الظَّلامِ، وَماتَ قَهرا
اللّيلُ ناحَ عَلَيهِ مَحمولًا على خَوفٍ وعار
وبَكَتهُ غَيماتُ الخَريفِ، وما بَكاهُ الرّاعشون
هُم يَبحَثونَ بِلَيلِهِم عَن أيِّ كَف!
جَوعى؛ وليسَ سِوى خَفافيشِ الظَّلامِ تَحُفُّهُم
سَكرى تؤَرجِحُهُم سَحابَة!
حَيرى يُرَوِّعُهُم مُرورُ الغَيمِ يَتركُهُم على هامِ الصَّدى
يأوونَ للأسرارِ تُذبِلُ روحَهُم
يَتَناهَبونَ الصَّمتَ أمنِيَةً، ويَجرَحُهُم إذا مَرَّ المَطَر
قابيلُ يا قابيلُ!
كَيفَ يَصيرُ لَونُ الدَّمعِ في لَيلٍ بِلا صُحبَة؟!
هابيلُ يا هابيلُ!
كَيفَ يَصيرُ لَونُ العُمرِ حينَ تَضُمُّهُ الغُربَة؟!
حَوّاءُ كَيفَ يَصيرُ لَيلُ مَدينَةٍ سَكَنَت على وَجَعِ السَّحاب؟
أحلامُها غَرَقٌ، أمانيها انتِظار
أوّاهُ يا فَرَقَ الحِصارِ مِنَ الحِصار
ظَمأى يُعزّينا بَريقٌ داعَبَ العَينَينِ والشّفَتَينِ والأسرار
والنّورُ يأبى أن يَزور…
لَيلًا بلا أَسوار