على عتَباتِ الرّيحِ تمتدُّ خطوتي
وتندَهُ يا قاصي المجرَّاتِ أنْصِتِ
أتيتُ على كفِّ الغيومِ مسيرتي
يلمُّ خطايَ الغيثُ بعدَ التشتُّتِ
وهلَّتْ إشاراتٌ لتوحي بأنَّها
لها قدمٌ في الدّربِ ما قطُّ زلَّتِ
وما غاضت النبعاتُ أو قلَّ دفقُها
وَمِمَّا كساها من ضُحًى ما تعرَّتِ
لها من نُبُوَّاتِ الشروقِ بشارةٌ
تلاها لسانُ الكونِ أجملَ سورةِ
ولمَّا تدانتْ والتقتها عيونُها
هفتْ نبضةٌ في القلبِ في إثْرِ نبضةِ
ذوتْ في قلوبِ الصمتِ أطيافُ وردةٍ
تداعِبُها الأنَّاتُ في كلِّ منبِتِ
تراءتْ على بُعدٍ قصِيٍّ ذبولُها
سيسقيهِ من قطرِ النَّدى ما تمنَّتِ
لتُيْنِعَ في ثغرِ الكلامِ قصيدةً
يفوحُ شذاها في ربوعٍ تَغَنَّتِ
ليصحوَ من نومِ اليمامِ هديلُها
فيسرَحَ في كلِّ الجهاتِ لمنصِتِ
ويوقِظَ تغريدَ الطيورِ حنينُها
ويلثُمَ ثغرَ البوحِ في كلِّ كِلْمَةِ
تنامُ الأغاني ملءَ قيثارةٍ بكتْ
إذا لامستْها كفُّ وعدٍ بِرِقَّةِ
وتسري على الأوتارِ ألحانُ شدْوِها
فتُشجي قلوبنا لامستْها فرفَّتِ
وأصغتْ ترومُ الهمسَ يُدْفِئُ نبضَها
وكم يعذُبُ الإنصاتُ شوقًا لهمسَةِ
أتسري نجومُ الليلِ من غيرِ وجهَةٍ
ليجرِفَها سيلُ الضَّياعِ المُشَتِّتِ
هو الليلُ فِيهِ النُّورُ هدْيٌ لسائرٍ
ويُوغِلُ فِيهِ الضَّيْمُ في دربِ عتْمَةِ
فيا ومضَةً تغفو بحضنِ سحابَةٍ
دعيني أسُقْ غيثًا إلى دربِ غيمتي
لتهطلَ في كلِّ الدروبِ هناءةً
وتُشْرِقَ في روحِ الضِّياءِ مسرَّتي