غرباء
منفيون في الأوطان
ما أقسى التغرب
في الوطنْ!
ـــ من أين؟
تسألني الجراحُ،
ـــ من اليمنْ!
من أين نبتدئ الحديث عن الشجون
ومن سيصغي يا حروف
ومنْ؟ ومنْ؟
قف وابكِ أطلال السعيدةِ
وابكِ تبّع والحصون
وذا يزنْ
ما زلتَ ترسمها على شفتيك
أغنيةً
معطرة الشجنْ
في جوفها قلبانِ،
في عينيكَ أشواقٌ لأكثر من وطنْ
ما زلتَ تحترف الصداح،
وفي حشاك أسىً
يطلّ
وملء صدرك
زفرةٌ
وهواك يُبلى بالظنون
ويُمتحَنْ
ما زلتُ أبحث عنكَ،
أزمنتي تطاردني
وأمكنتي تحاصرني
وأشرعتي تبوح بحزنها
للريحِ
يا أعماق هذا الحزنِ
لا تتكسر الأمواج في صدري
ولا ترسو السفنْ
(أنا من بلاد القات)
لا أحتاج إلا التبغَ والفانوس
أحرس مأتمي
وأسامر الغرباء مثلي في الوطنْ
تمتد آهاتي فضاءاتٍ من الوجع المعتق
والصبابة والشجنْ
وتطير أحلامي فراشاتٍ من الشوق
المبعثر
والرجاء الممتهَنْ
أمضي .. وفي قلبي جراح حرةٌ
عافت يد الآسي
وآثرت الكفنْ
منذ الطفولة، أرتدي وجعي
وشاحاً
أمتطي جرحي وأمضي
تبذر العثراتُ أيامي
وتحصدني المحنْ
قف وابك أطلال السعيدة
وابكنا..
غرباء في وطن القبيلة
في بلاد القات والبارودِ
كل مدينة حبلى بمأساةٍ
وغرقى بالدماء وبالفتنْ
في ظل هيمنة القبيلة
نفطنا
ودماؤنا
ودموعنا
للبيعِ!
هل يتجرأ الشاري
ويمنحها الثمنْ؟!!
تمتد أطماع القبيلة
من أقاصي الجهل
حتى آخر القطرات من عرق الرجالِ
ومن أقاصي السر بالمغزى
إلى أقصى العلنْ
يتزاوج الدين المزيف والقبيلة،
ينجبان عمامتينِ
(وخنجراً)..
كان العناق مزيفاً حين التقينا
كانت الأشواق كافرةً
تصلي للوثنْ
واليوم .. لا ميعاد يجمعنا
ولا لقيا تُرَجَّى..
تائبون من الخطيئة
عائدون إلى عدنْ
قف عند خاصرة البلادِ
فثم مفترق المكانِ
وثم مفترق الزمنْ