ريم ٌ نأى عن ثرى بغدادَ مغتربا
فخلـّف القلبَ دامي الجرح منتحبا
أزرى بعينيّ حتى فاض دمعهما
وراح يمطر فوق الوجهِ فالتهبا
قد كنت أحمله كالروح في جسدي
وسوف أسجد في محرابه رَهـَبا
إذا تغنـّج فوق الجسر مبتسما ً
تعطـّرت كلُّ بغدادٍ هوىً وصِبا
لولاهُ ، لولاكِ لم تنبضْ خوافقنا
أو يعرف الناس أمّا ً للهوى وأبا
قد مِتُّ بعدَكِ حيّا فابعثي جسدي
إلى الوجود لأغدو آية ً عجبا
تحيّر العلم في كـُنـْهِ الوجود ولم
يعرفْ بأنك كنتِ السرّ والسببا
تناسل الحزن في روحي فإن خطرتْ
أطيافُ حبك ماستْ وانتشت طرَبا
هزَزْتِ نخلتيَ العجفاءَ من زمن
فأينعتْ غضّة ً واسّاقطت رُطبا
إن أومضتْ وَلـَها ًعيناكِ واشتبكت
كفي بكفك سال الشهْد وانسكبا
وإن لثمتكِ أغدو فرْط أبـّهتي
خليفة ً أحكمُ الإسلامَ والعربا
ما إن أراكِ ولو في الحلـْم قادمة ً
حتى أصلي لكِ الآيات محتسبا
في ثغرك الحلـْو إذ أدنو لروضته
أرى الجنانَ فأغفو عنده رَغـَبا
أتمّ وجهـُك للفردوس ِ زينتـَها
فقد تجاوزتِ في إبـْهاركِ الحِقـَبا
ولو حللتِ بها ضمتك أذرعـُها
وغارت الحورُ حتى أجهشتْ غضبا
أرى بوجهـِك كلَّ الكون ِ مجتمعا ً
وكلَّ ما أبدع الرحمن أو وَهـَبا
و كلّ ما فيكِ أضحى من قداسته
وحـْيا ً إلى الملأ الأعلى قد انتسبا
حروفُ إسمِكِ عند الفجر زقزقة ٌ
وفي الأقاحي رحيقٌ قـط ّ ما نضبا
لو خضتِ في البحر لاحلولى بلا كدر ٍ
وان توطأتِ أرضا ً أصبحتْ ذهبا
وما رأى قبلك التاريخُ فاتنة ً
في وجهها مصحفٌ بالنور قد كتبا
ما زال همسُكِ عن بُعْد ٍ يهدهدُني
طفلا ً تناهى له صوتُ امّهِ فـَحـَبا
إنـّي أقايضُ ما قد ظلّ من عُمُري
بلمحة ٍ منكِ فيها أبلغُ الأرَبا