قُلْ مـا تشاءُ فكُلُّنــــــــا إصغـــــــــاءُ
أنــــــا والرياحُ ومركِبي والمــــاءُ
لا شيءَ يجمَعُنا سوى توهانِنــــــــــا
في البحرِ تمضُغُ ليلَنـــا الأنحــــاءُ
هذا الأَمامُ كمـــا تــــــــراهُ مُهيــــــأٌ
للـــــرّاحِلينَ فمـــــــــا يكونُ وراءُ
هي حكمةُ الأيـــامِ تكتبُ سَطرَنــــــا
في دفترٍ لنْ يَعتَريـــــــــهِ رِيـــــاءُ
غُربــــــاءُ نحنُ ورغم أنفِ بَقائِنــــا
عندَ المساءِ سَيَرحَـــــلُ الغُرَبــــاءُ
يا أوّلَ الآتينَ في أحـــــــــلامِنـــــــا
لَمْ نَدْرِ مِنْ جَهلٍ لمـــاذا جـــــاءُوا
حَمَلـــــوا الحياةَ على صَفـاءِ كُفوفِهِم
تَعَبــاً ورغمَ المُعتِمينَ أضـــــاءُوا
نحنُ العُصــــاةُ وحينَ يُفْتَــــحُ قلبُنــا
غَرْبـــــاً سَنُدرِكُ أننــــــا جُبَنــــاءُ
نحنُ العُصــــــــاةُ وكانَ أكبرُ بِرّنــا
حينَ افتَرقنــــــا أنْ يَطولَ لقـــــاءُ
لكنّهــــــا الأوهامُ تقتلُ أهلَهـــــــــــا
وَجَعـــــاً فماذا قد يفيد رثـــــــــاءُ
أغْمضتُ عينَ الشِّعرِ حتــى لا أرى
شيخَ القصيدةِ هَدّهُ الإعيـــــــــــاءُ
وَصَمتُّ عن لُغَتي المَريضةِ رُبمـــا
من غيرِ مـــــــــا كَيٍّ يكونُ دَواءُ
تَجْثو على شَفَتي جِـــراحَ مــَـــدينَتي
وعلى لِساني صَخرةٌ صَمّـــــــاءُ
مــــــاتَتْ شُموسُ الطّيبينَ فيــــا أبي
مِنْ أينَ يُشرِقُ في العيونِ ضِيـاءُ
لَمْ يَبقَ لِلوَلـــــــــدِ الحزينِ شواطـِئٌ
يَرسُو بِها إنْ أتْعَبتْهُ ظِبـــــــــــاءُ
لَمْ يَبقَ لِلتــــــّـــاريخِ غيرُ عَمامَــــةٍ
حمراءَ مِنْهـــــــا تَنفِرُ الصّحْـراءُ
لـَــــمْ تَبقَ أشياءٌ تزورُ مَســــــــاءَنا
فكأنهـــــــا كَفَرتْ بِنــــا الأشيـاءُ
مُتَكَحّلونَ مِنَ الغِوى بِهُرائِنـــــــــــا
دَجَـــــــــلاً ونحـنُ لِخُبزِنا فُقَراءُ
مُتَصَعلِكونَ نَجُوبُ وَهْمَ نِسائِنـــــــا
لَيْلاً ويَكْسِرُ بأسَنـــــــــا اسْتِجداءُ
مُتَهــــافِتونَ على بِســــاطِ شَتاتِنــــا
وعلى التمزّقِ ترقصُ الأشْـــلاءُ
سَحَقَتْ يَدُ الحِقدِ المقيتِ نَقــــاءَنــــا
وقَضَتْ على أحلامِنــا الخُيَــلاءُ
حتى نَسينـــــا مِنْ غُرورٍ أنّنــــــــا
في رِقعةِ الشّطرنجِ نَحنُ سَــواءُ
إن يكذب العُظَماءُ قالـــــوا أحْسنوا
أو أحْسَنَ البُسَطاءُ قيلَ أســـاءُوا
سَأمُرُّ مُحتَرِقـــــاً على أُهزوجَتـــي
فَعَسى يَفيقُ مِنَ السُّباتِ إبــــــاءُ
أنا ضِدُّ تـــــــاريخِ التحرُّرِ كلِّــــــهِ
فالكـــــــاتبونَ سُطورَهُ سُجَنــاءُ
وأقـــــــــــــــــــولُ للمُتعلّقين بقشّةٍ
ما لِلغَريقِ سِوى النّجاةِ رَجـــاءُ
الدّونكيشوتيونَ يمضُــــــغُ بعضُهُم
بَعضَاً وتلفُظُ غثَّهُم أمعــــــــــاءُ
يَتَقمّصُونَ فمَ القَصائِدِ عندَمـــــــــا
يَخْلو مِنَ الخَيلِ الأصيلِ مَســاءُ
ويُغلِّفون سَماءَنـــــا بِصُراخِهـــــم
لَيلْاً فأكثرُ ما يُقـــــــــــالُ عُواءُ
هُمْ لوّثوا آبـــــــــــاءَنا ولربّمــــــا
بِبَقــــــــائِهِمْ سيُلوّثُ الأبنــــــاءُ
وسَيَركَبونَ على خُيــــــولٍ دُجّنَتْ
لِصُعودِهِم وسَتُحفَرُ الأسمـــــاءُ
المارِقونَ على بَقايا جُرحِنــــــــــا
قِصَصَاً أطالَ بَقاءَها اسْتِرضاءُ
السّارِقونَ وجوهَنــــــا وعُيونَنــــا
حتى تَرى بِعيونِنا العَمْيـــــــاءُ
الرّافِضونَ لِشرْقِنــــــا وبِغَربِهــــم
كُنّا نَموتُ كأنّنا أُجَــــــــــــراءُ
يَتَهافَتونَ على “طبيخ” كلامِهِـــــم
جَوْعى فَلا أدَبٌ ولا أُدَبـــــــاءُ
صـــــارَ الكلامُ مُهرِّجاً يا سادتـي
وقصائِدُ الزّمنِ الجميلِ هُــراءُ
فليُقتَلُ الشّعرُ الذي من أجلِـــــــــهِ
صُلِبَ الكلامُ ويُعْــدَمُ الشُّعراءُ