كأنَّهُ بَعدَما أملى وصيَّتَهُ
مشى، فقلدتِ الأنهارُ مِشيَتَهُ
وصَاحَبَتْهُ محطاتٌ وأرصفةٌ
وآثرَ الشارعُ الخالي مَعِيَّتَهُ
وقالَ:لي من صدى الناياتِ
وحشتُها،
ولي بكاءُ نبيٍّ بلَّ لِحْيَتَهُ
وكالنخيلِ تكادُ الريحُ تصرَعُهُ
لكنَّهُ لم يخن يومًا سجيَّتَهُ
كانَ الزمانُ يربِّيهِ على يدِهِ
وكانت الأرضُ يومًا ما مَطِيَّتَهُ
يفسِّرُ الماءَ، والأشجارُ يعرفها
مُذْ كانَ تفاحُهَا العالي خَطِيَّتَهُ
مستسلمًا للجمالِ الرحبِِ
ذابَ أسًى،
وأطفأت شهوةُ الدنيا شهيَّتَهُ
يكادُ يشعرُ بالأشياءِ مُوجِعةً
ومرةً جَسَّ في الصبارِ نيَّتَهُ
هل قالَ للندمِ القاسي:
أَرِقْ جسدي
ويا بقايايَ: سَمِّينِي ضحيَّتَهُ
اَمْ دارَ في الدورةِ الكبرى
ففَارقَهَا
كما يفارقُ شيءٌ ما خليَّتَهُ
مسافرًا صوبَ ما سمَّاهُ أغنيةً،
مطاردًا في منافيها هويَّتَهُ
لم يصطحبْ غيره،
لا شيء يدفعُهُ
إلا أسىً غامضٌ في القلبِ بيَّتَهُ
ملوِّحًا للطفولاتِ التي ابتعدتْ..
وناسيًا في غروبِ الشمسِ قريَتَهُ
لا شيءَ كالصمتِ يُغرِي روحَهُ أبدًا
كالذئبِ يشحذُ هذا الليلُ رؤيَتَهُ
لا سالفُ الأرضِ يعنيهِ، ولا غدُهَا،
كأنها لم تكنْ يومًا قضيَّتَهُ
إن كانَ لابدَ من شيءٍ،
فسيِّدَةٌ
يتلو على حضنِها الباقي
بَقِيَّتَهُ