كثيفٌ ككثبانِ المفازاتِ بي الأسى
كأنَّ بيَ الأحلامَ لم تلقَ مغرسا
يُراودها طَرفي فلا الليلُ مُنجلٍ
لتدنو ولا الاصباحُ عنها تنفسَا
أنا الشجنُ الظامي
أنا الغُربةُ التي
على الشاطئ الرمليِّ صادتني نورسا
لأني بذرتُ الحُبَ في كلِّ مُهجةٍ
تحمّلَ ظهري الهمَّ حتى تقوسا
يضيقُ يضيقُ العيشُ بي غير أنني
أحاولُ رغم الضيقِ أن أتمرسا
هو الشعرُ بابُ الليلِ إن زارَ شاعرًا
خيالٌ لمحبوبٍ بهِ البينُ ما رسا
ونافذةٌ مِنها يطلُّ لكي يرى
ملامحَهُ الأُخرى وقد غادرَ المسا
ولولا رداءُ الصبرِ في كُلِ شِدةٍ
لما وجدَ الانسانُ للعيشِ ملبسا
ولولا سنا الآمالِ ما طالعَ الضُحى
حزينٌ تُذكرهُ المساءاتُ ما نسى
وللهِ درُّ الحزن إن مال صاحبٌ
وقد كان قنديلاً إذا الليلُ عسعسا
تجاعيدُ هذا الدهرِ بانت جميعُها
فلا ربُما أجدت ولا ليتَ أو عسى
دروسٌ هي الأيامُ إن شئتَ فهمها
فحاول تعي التاريخَ يعطيكَ فهرسا
ستلقى الذي أحببتَ أقوى عداوةً
وتلقى الذي عاديتَ أنعمَ ملمسا
إذا فارقَ الانسانُ قسراً بلاده
فلا شكَّ أن الحُزنَ فيها تكدسا
ولا شكَّ أن الشوكَ صارت دروبه
ولكنها يوماً ستخضرُّ نرجسا
” وما مِن يدٍ إلا يدُ الله فوقها ”
فلا ترهبِ الطغيانَ إن رقَّ أو قسا
وما أنتَ إلَّا غربةٌ إثر غربةٍ
فلا بــُد للأعذارِ أن تتلمسا