وينامُ في عينيها النّخيلُ
.. لم يكن في الأرضِ سواها
حينَ ابتكرَ الإلهُ هذا المدى الرّحيبُ
هيَ وطنٌ أو تُداني،
حينَ تبخلُ عليكَ الغربةُ بلمَّةِ الصِّحابِ في مهبِّ الأغاني الشجيّةِ
على مُعتَركٍ للرّوحِ بأمواجِ الحنينْ..
هيَ ستُّ المدائنِ والمدائنُ
بعض ٌ ممّا تناثرَ من شيحِ عينيها والكبرياء ُ..
هي أمٌّ مُشرعةٌ على رحيلِ وحيدها
وعينها تَصّاعدُ نحو سِدرةِ الدّمعِ النّبيِّ ،
مكسورةَ الرّمشِ
مكبوتةَ النّحيبْ… –
قالت ْبضراعةِ مريميِّةٍ تتبتَّل :
يا ولدي
يا أيقونةَ أملي
لاترحلْ
العطشُ يسيلُ في العروقِ
والغيابُ يسيلُ في الدّروبْ.. –
هذا أوانُ الرّحيلِ ياأُمّي؛
سأُنادي على الحادي :
يا حادي..
ياسادنَ الأغنياتِ الجريحةِ والحنين ..
يا حادي..والرّمالُ على تلاحقِ الكثبانِ تِيهٌ وسرابُ..
رَشَحتْ عبْرَ مسامِ الرّيحِ الأغنياتُ
والشّمسُ لاتبوحُ بسرِّها إلّا للرّملِ؛
وليسَ في الرّملِ مايرتعشُ بالحياة..
يُسبّحُ الرّمل ُ بحمدِ العطشِ حيناً
وحيناً بالسَّرابْ
.. * * *
عرّج عليها- ياحادي-تلكَ الدّيارَ
واتلُ على أطلالها ماتيسّرَ
من غربةِ الرّوحِ
ونحيبِ الذّكرياتِ
وأوجاعِ الرّحيلِ؛
ثمّ اقرأْ على واحاتهامعلّقةَ اليباسِ
ولملمْ ماتبقّى من تواطئ الرّيح ِ
مع رمادِ المواقدِ الآفلةْ..
أَأَتعبكَ ياحادي المسيرُ في هذا الخضمّ الماجنِ من الصحراءِ؟
فتماثلَ العطشُ لقلبكَ
وانكسرَ على شفتيكَ الغناءُ
واندلقت ْ أمامكَ بِرَكُ السّرابْ
* * *
ياذابلَ الشّفتينِ والرّوح والقصائد ِ
أَنِخْ ياحادي ناقةَ الأحزانِ
عندَ غديرِ الأملِ
وارْوِ هذا الظمأَ الجاهليَّ بالغناءِ
فقد أعدّتْ لكَ المنافي متّكأً
منَ الرّملِ
وعويلِ الرّيحِ في عُريِ الجهاتْ
* * *
متحالفاً بحدائكَ مع الرّيحِ صرتَ
ومع أجراس ِ الغيابْ
لستَ وحدكَ؛
عَصيْتَ العطشَ والنّسيان َ والموتَ
حينَ حَدَوْتَ…
كنتَ أنتَ وقصيدتي والسّحابْ…