لُـجُـوْء / ي=بقلم: د. جهاد الكريمي (اليمن )

إلى اللّهِ قَلْـبٌ شَـفَّـهُ البُـعْـدُ والْوَلَـهْ
أضـاءتْ نُهـاهُ حيْـثُ أذْكـى تأمُّلَـهْ

رأى اللّهَ عَيْـنًـا في تجَلِّـيْ صَنِيْـعِـهِ
وألْسِــــنَـــةٍ شَتَّـــــى وآيٍ مُــــرَتَّـلَـــةْ

رآهُ.. وفي عيْنَـيْـهِ فجْـرٌ مُبَـرَّحٌ
وفي رُوْحِـهِ الحَيْرى شمـوسٌ مُعَطَّلَةْ

فيَمَّـمَـهُ شَـوْقًا وصَلَّى إنـابـةً
ومُهْجتُـهُ الحَرَّى جُـؤارٌ وأسْـئـلـةْ
* * *
إلى اللّهِ إخْباتِيْ، لُجُـوْئيْ، ضراعتِـيْ،
تُـرابٌ من التَّحْنـانِ تعْـرُوْهُ صَلْصـلَةْ

إلى اللّهِ في حَرْفِي الذي ضاق بحْرُهُ
وقافِيَـتِي العَرْجـا وخَطْـوِي المُكَبَّلَـةْ

رحـالُ انْعِتَـاقِـيْ بِالتَّنـائيْ كَلِيْـلَةٌ
ورُوْحُ اشْتِيـاقِيْ بالتَّـلاقِيْ مُـعَلَّلـةْ

عَـلَـيَّ من الأوزارِ حِـمْـلٌ يُنِيْـؤُنِيْ
وفي عَبَـراتِي الجَمْـرِ ذاتٌ مُبَـلَّلَةْ

أجُـرُّ طُمُـوْحـاتِيْ، جُرُوْحِـيْ، صبـابةً
تُذَكِّـرُنِيْ في شُقَّـةِ السَّيْـرِ بالصِّـلـةْ

وإنَّ حُـداءَ الصَّـبِّ تَذْكـارُهُ اللِّقـا
إذا شَقَّـهُ بُعْـدٌ وأعْـيَـتْـهُ مُعْضِـلَةْ

وأنْـتَ لِتَـحْـنـانِـيْ سـلامٌ وبَـلْسـمٌ
وأنْـتَ لإجْفـالِيْ سُكُـوْنٌ ومَوْئـلَةْ

وأنْتَ مَـلاذُ الـرُّوْحِ يا ربُّ والمُـنـى
وبحْـرُ العطـايـا والهِـبـاتِ المُؤمَّلَـةْ
* * *
أتَيْـناك يا اللّـهُ شَعْـبًـا مُمَـزَّقًا
يُبَـرِّحُـهُ جُـوعٌ ورَوْعٌ وقَلْقلـةْ

يحلُّ «جَنُـوْبٌ» أصْرَهُ عنْ «شمـالِهِ»
ويـرْمِيْ شمـالٌ في جَنُـوْبٍ تَشَمْؤلَهْ

يرى يَمَـنَ التَّاريخِ كلْمى خَمِيْصَةً
وخَيْـراتُها للخَصْـمِ رِفْدٌ مُحَـلَّلةْ

بِمـأْدُبـةِ الذِّكْـرى تُـداريْ جِيـاعَـها
ولمْ تَـدَّخِـرْ إلَّا عـوِيْلًا وحَـوْقَـلَـة
* * *
أتيـناك شَعْـبًا عـاثِـرًا لا يُقِلُّهُ
مِهـادٌ ولا تحْـنُـوْ سمـاءٌ مُظَلِّلَة

مَنازِلُهُ فَيْـحُ المَنـافِيْ.. سُراتُهُ
إلى التِّـيْهِ لا تَلْـويْ على أيِّ بَـوْصَلَةْ

تنـاءتْ بِهِ الأسْفـارُ في غيرِ وِجْهـةٍ
وحَلَّ الثَّرى مَنْ كانت الشَّمْسُ مَنْزِلَهْ

ويا جَـوْرَ ما يَشْقَى كرِيْمٌ إذا انْحَنى
بهِ الدَّهْرُ أوْ حلَّتْ صُـرُوْفٌ مُجَلْجِلةْ!
* * *
إلى اللَّـهِ نشْـكُـوْ فِتْـنـةً ذات بَيْـنِـنا
وسِـرْبًا من الأوْجَـاعِ نَصْلَى تَغَـوُّلَـه

ونارُ اخْتِصـامِ الأهْـلِ أوْرَى شَـرارَةً
تثُـوْرُ بِنُشَّـابٍ وتفْـرِيْ بِكِلْكِلَـةْ(1)

ونحْـنُ أُولُوْ بـأْسٍ وفِقْـهٍ وحِكْـمَـةٍ
مآثرُنا شُمُّ العَـوَالِيْ المُـؤثَّلَـة

ولكن إذا الشحْناءُ مسَّتْ أُولي النُّهَى
طَوَتْ حِلْـمَ أَنْهـاهُمْ ووارَتْ تَعَقُّلَـهْ

وإنَّ رَبِيْـبَ المَـجْـدِ إنْ لمْ يَقُـمْ بـهِ
محـا آخِـرُ الوُرَّاثِ مـا زَانَ أوَّلَـهْ
* * *
رَمـانا العِـدا عن كُلِّ قـوْسٍ حقُـوْدَةٍ
ومَزَّقَنـا مِن كُـلِّ دَهْـمَـاءَ مِقْصَـلةْ

فلا «مَجْلِسُ الأمْنِ» احْتوانا غِطاؤُهُ
ولا «قِمَّـةٌ» أفْضَتْ إلى حَـلِّ مُشْكِلةْ

يَـرَوْنَ المـآسِـيْ ناشِبـاتٍ ولا نَـرى
سِوى خُطَـبِ التَّنْدِيْـدِ شَجْـبًا وبَلْـبَـلَةْ

فَمٌ يشْجُبُ الْبَـلْوَى، يَدٌ تَـزْرعُ الأسى
وأُخْرى تزيْـدُ الجَمْـرَ«جـازًا» لِتُشْعِـلَهْ

وما قيْـمـةُ التَّنْـدِيْـدِ إنْ لمْ تُزَكِّـهِ
فِعالٌ وإنْ لمْ تَرْدَعِ البَغْيَ جَحْفَـلَةْ؟!

وحَـظُّ الذي يَسْتَنْصِرُ الخصْمَ نجْـدَةً
كحَظِّ الذي يُلْقِي على الرِّيحِ مِنْجَـلَهْ

ومُسْتَرْشِـدُ الأغْـرابِ عن وِرْدِ عِـزِّهِ
قضـى باحِـثًا عن مَسْـلَكٍ لنْ يُوَصِّلَهْ

ومُسْتَـدْفِـعُ الأدْنَـى بِيُمْنى غَرِيْمِـهِ
كَمَنْ يُسْكِتُ الضَّـوْضَـا بِتَفْجِيْرِ قُنْبُـلَةْ

فأيْدِي الأعـادِيْ إنْ تَطَلْ طُهْـرَ مَوْطِنٍ
تُمَزِّقْـهُ بِالتَّحْـرِيْـشِ حتَّـى تُعَطِّـلَـهْ

وفِتْـنـةُ ذاتِ البَـيْـنِ ليسـتْ تَحلُّهـا
أيَـادٍ دَخِيْـلاتٌ وحَـرْبٌ مُمَـوَّلَةْ

ولا يُصْلِـحُ الإخـوانَ إلَّا الْتِـحـامُهُمْ
على رايـةِ القُـرْآنِ في كُـلِّ مسألَـةْ
* * *
شكونـاك يا اللّـهُ أوْجـاعَ أُمَّـةٍ
مُمَـزَّعـةِ الأوْصـالِ حيْـرى مُخَـذَّلَـةْ

نلُـوْذُ بك اللَّهُـمَّ حصْـنًا من الـرَّدى
وجَـوْرِ البَـرايـا والخُطـوْبِ المُـزَلْزِلة

أَزِلْ سُدْفَةَ الْبَأْسا وأسْبِـلْ جَـدا المُنى
وأرْخِ عليـنا سُبْحـةَ الأمْنِ مُسْـدَلَـة

وهَبْـنـا حيـاةً في الأعاليْ كـريْمـةً
وخـاتِمـةً حُسْنى إلى الفَـوْزِ مُوْصِـلَةْ

رجُـوْنـاك بالحُـبِّ الذي نحْتفـيْ بـهِ
تعـالَيْـتَ أنْ تَجْفُـوْ رَجـاءً وتَخْـذُلَهْ

وَنَيْنـا ومَنْ إلَّاكَ يشْـفـي جِـراحَـنـا
ويُـرْخِـيْ عليـنا لُطْـفَـهُ وتَفَضُّـلَـهْ!

لك الحمْـدُ حُـبًّا وابْتِهـالًا وقُـرْبـةً
بما عَـجَّ ملْهُـوْفٌ ولَبَّـتْ مُـهلِّـلَـة

وقرَّتْ عُيُـوْنٌ، وانْتشَتْ ذاتُ بهْجـةٍ
وسَحَّ الحَيا(2) واخْضَرَّ حَقْلٌ بِسُنْبُلَةْ

(¹) الكِلْكِلَـةْ: الجماعة من الناس.
(²) الحيا: المطر.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!