(إلى الصديق محمد صوالحة صاحب كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة)
على خطوِ الخليقةِ كنتُ أمشي
وأحملُ لوعتي في كلِّ ركنِ
وأخفي من جنون الصحبِ صحبي
وفي مدنٍ كسَرتُ الآنَ غُصني
أنا المجنونُ أكتبُ ما بدا لي
وأعزفُ كلَّ تقسيمٍ بلحني
فلا تكلِ الغوايةَ في زمانٍ
قسا والغيمُ في سُبُلِ التأنّي
فأضرمتَ الشتاءَ بكأسِ شايٍ
وقهوتُها على أرقٍ سلتني
فأمطرتْ الشفاهُ إذا تمطّتْ
قُبيلَ النومِ ما أغرقتُ مزني
فشيطاني إذا يحنو يلبّي
لكاعبةٍ بوادي النيلِ تَجني
على صبٍّ تعذّبَ في اشتعالٍ
وما تُطفي مياهُ الكونِ حزني
تلاعبني الحسانُ وأشتهيها
وأردعُ حين ظنَّ الظنُّ ظنّي
بأنّي والقرينُ على هواها
إذا يأتي القرينُ مع التمنّي
يُوسوسُ والهواجسُ طائفاتٍ
بأرضِ الشامِ قبّلها ويحني
على بَردى بشوقٍ لا يبارى
فأيقظَ مع جنونِ الفجرِ لوني
أعانقُ ما بدا منها خيالاً
وتحتَ الشمسِ كالرّيم الأغنِّ
أدورُ الأرضَ من جهةٍ لأخرى
أما عمانُ في لحظٍ غوتني
وفي (الجادورِ) يا بلقاءُ أصلي
ولي في الغورِ آياتٌ سبتني
ولي الأردنُّ ما غرستْ جذوري
ولي التّاريخُ في مدنٍ حوتني
ولي الصحراءُ أعرفُ ساكنيها
وأسرحُ في مسالكَ كم غزتني
ولي بئرٌ ولي أهلٌ وربعٌ
ونوقي في رحابكَ سآلتني
ولي خيلٌ ببيداءِ القوافي
أسرِّجها بهمسٍ كلمتني
أنا البدويُّ في حلّي تجلّتْ
وفي الترحالِ أشدو أو أغنّي
أنا المجنونُ في مدنٍ تصابتْ
فسَلها والزمانَ ولا تسلني