منذ انشطاري في القضيَّة
صودِفْتُ بامرأةٍ ذكيَّة
يصحو بعينيها صباحٌ
عندما تأتي العشيَّة
أخذتْ حياتي عندما
كانت بأحضان المنيَّة
فرأيتُ أحزاني تموت
وكلّ أيّامي نقيَّة
بدأت تعلّمني الكلام
وكيف أحيا للهُويَّة
ومتى أصيح وأين أصرخ
كيف أخترق الشظيَّة
ومتى أقاتل كي أفوزَ
وكيف ترمي البندقيَّة
ومتى تصافح للسلام
يدي، ولا تغدو ضحيَّة
وتعلِّم المرء الحياة
كأنّها جاءتْ نبيَّة
لم ألق منذ طفولتي
بشرًا بهذي الآدميَّة
هي كالنساء وإنّما
هي لا تجيء كما البقيَّة
فهي الحليمة والوقورة
والبشوشة والشقيَّة
وهي الكبيرة والخبيرة
والخطيرة والصبيَّة
مدنيَّة في فكرها
ولها انْضباط العسكريَّة
ولها حنينٌ عاقلٌ
ولها جنون العاطفيَّة
ولها اعتدالٌ ثابتٌ
بين التهوّر والرُّويَّة
أخذتْ منَ التأريخ فكرتها
ومنْ عُمق السويَّة
“صنعاء” تبدو بين كفّيها
كلؤلؤةٍ بهيَّة
“صنعاء” ترقص عند رؤيتها
وتنسى الطائفيَّة
فتغار “بغداد” الحزينة
مثل “بيروت” السبيَّة
و”دمشق” تحبس دمعة
من عين شطّ “اللاذقيَّة”
والنيل يصرخ قائلًا
مُرِّي بأرضٍ شاعريَّة
وقف الزمان أمام شرفتها
ولوَّحَ بالتّحيَّة
فهي التي فهمتْ كتاب
الدهر قبل الأبجديَّة
شكرًا لربِّي حين صوَّرها
فتاة “حميريَّة”