لَمْ تَكْفِهِ عن ذنوبِ الشِّعرِ
توبَتُهُ
ولا إلى أوّلِ الأشياءِ
أوبَتُهُ
كأنّما كانَ مَشدودًا
على وَتَرٍ
مِن سالفِ الخيلِ
قد صيغَتْ ربابَتُهُ
كعاشِقٍ
ظَلَّ تحتَ الخوفِ
مُعتَكِفًا
وبعدَ ميتَتِهِ
خانَتهُ قصَّتُهُ
كعائدٍ مِن دُوارِ البَحرِ
ليس يرى
إلاّ الذي تَرَكتْ في البالِ
موجتُهُ
كَمن أفاقَ وحيدًا
دونَ صُحبَتِهِ
ورافَقتهُ إلى مَنفاهُ
خيمَتُهُ
وحيثُ كانت بلا سُقيا
قصيدتُهُ
أتى شتاؤكِ تسقي الشِّعرَ
غيمَتُهُ
وجاءَ وجهُكِ
إيذانًا بصبوتِهِ
مِن بعدِ أن لَمَعَت في الرأسِ
شيبتُهُ
فكيفَ يرجِعُ
والصّحراءُ قاسيةٌ
وما تزالُ تشي بالآهِ
خطوتُهُ
قد كانَ شَحَّ
كَبِئرٍ أقفَرَتْ عطَشًا
وكانَ جفَّ
فلا تُرجى نضارتُهُ
فيا مدينةَ عشقٍ
كم تُحاصِرُهُ
حتى تكاد بها تُرديهِ
فتنَتُهُ
ما بينَ سَيلِكِ والأدراجِ
أحجيةٌ
كأنّها بعدَ بيتِ اللهِ
كعبتُهُ
لا تفتَحي الصَّدرَ
فالأنفاسُ فارغةٌ
وكنتِ آخِرَ ما قالتُهُ شهقَتُهُ
قد كانَ يأتيكِ مفتونًا
تُرافقُهُ
كي لا يذوبَ على الأبوابِ
سَكرَتُهُ
وكانَ ليلاً
يحِجُّ السّاهِرونَ لَهُ
وتوقِدُ النّارَ للعُشّاقِ شُرفتُهُ
وكانَ فيكِ صباحيًّا
تُعَمِّدُهُ
ليستفيقَ على عينيكِ
قَهوَتُهُ
وكانَ أظلَمَ مَن يقسو
على دَمِهِ
وكانَ أرحَمَ مَن تُخفيهِ
دَمعَتُهُ
وكانَ كانَ
كفعلٍ ناقِصٍ أبَدًا
لَم تكتَمِلْ رغمَ طولِ الماءِ
رحلَتُهُ
هو الوحيدُ
الذي غنّى لمقتَلِهِ
وعلَّقتهُ على الأعوادِ
جُرأتُهُ
يُقشِّرُ العُمرَ تُفّاحًا
لتأكُلَهُ
هذي العيونُ
وتشكو الجوعَ مُقلَتُهُ
ويعصِرُ الوقتَ كي يسقي
وما شرِبوا
فكيفَ تُؤمِنُ بالأكوابِ خَمرَتُهُ
قد طافَ كلَّ بيوتِ الشّمسِ
يُقرِئِها
ذاتَ الصُعودِ الذي قالت بدايتُهُ
تغفو النّساءُ على ميعادِهِ
قصَصًا
حُلْمًا تُقَطِّعُ أيديهِنَّ رِقّتُهُ
يستعذِبُ الصَّمتَ
والأفواهُ دائرَةٌ
هُنا
هُناكَ
وما لانَتْ عقيدَتُهُ
وما تنازَلَ إلاّ شأنَ مُقتَدِرٍ
على القليلينَ
لا تُغريهِ قُدرتُهُ
وما ترفَّعَ إلاّ عن مُخاصَمةٍ
والنَّخلُ تمنعُ أن يهتزَّ
عفَّتُهُ
وما سُكوتُ كبيرِ البحرِ
منقصةٌ
لكنّ فرقَ صفاءِ الماءِ
يُسكِتُهُ