الحــرفُ نــــارٌ وفــي أحشائـِه لـهبٌ لكنَّــــهُ مَطـــرٌ إنْ لامـــسَ الســُّحبــــا
يمضــي كريـحٍ فإن أغراه عاشِقُــــه
هزَّ الجبـــالَ وجــابَ الأفْقَ مُضطرِبـــا
كــمْ قـد حمَلنــا بــه شوقـــاً يمزِّقنــا فكــــانَ لحنـــاً من الآهــاتِ مُنسكبــــا
قــدْ يَسْكُنُ الحرفُ لـكنْ حينَ تُطلِقُـهُ يَهــوي كسيفٍ ويجتــاحُ المدى غَضِبـا
كــمْ قـدْ أذابَ قلوباً في لظــى شجـنٍ حتــىْ غَدَتْ تَعشــقُ الأنغـامَ والطّربـــا
وكــمْ أفاقَ أسيرُ الشــــوقِ من سَـكَرٍ
لمّا تـَـــلا الحــرفَ فـارتَدّ الـذي ذَهبـــا
الحـرفُ سيفٌ إذا مــا خاضَ معركـةً أجـــرى المشــاعرَ أنهــاراً ولا عَجَبـــا
قــدْ يكســرُ القلبَ أو يُبْكيــهِ من ألـمٍ وقـــدْ يُعيــدُ إلــى الأذهانِ مــــا هَرَبـا
في الحرفِ أسرارُ عشقٍ لا نُفَسّـرها تَمضـــي إلينــا فنغدو و الهوى نَسبــا
قــدْ يــوقِظُ الحرفُ بِشْراً كـادَ يَدْفِنُهُ قَهـــرٌ فيُخــرِج من أنقاضِــــه شُهبــــا
أو يُطلقُ الحَزَنَ المنســيَّ يَنْشُــــــرُهُ حتـــــى يُعـــانِقَ طَيفَ الرّوحِ مُنتَحبا
قدْ يَسكُبُ الدّمعَ في عينٍ ويترُكُـــها نـَــهراً تُحَدّثُ عن مــاضٍ لهـــا ذَهَبـــــا
لكنّـــــهُ فــــي يــدِ العُشـّـــاقِ أغنيةٌ تَسْقِي النفوسَ رؤىً تَسمــو بها أدَبــــا
الــــحرفُ صيحـــةُ حقٍّ لا يُنازِعُهـا صوتُ الخداعِ ولا التزويــرِ إذْ غَضِبـــا
فامنحْ لروحِكَ معنىً في حروفِ غدٍ
ما ماتَ مَــنْ وَهَبَ الأيــامَ مـا كتبــــــا
الـحـرفُ تاجُ الهدى من نوره سطعت
آيُ الكتـــابِ لتــروي الروحَ والقلبــــا
فـــاقتْ بلاغَتُه كُـــــــلَّ البريَّـــةِ فــي سِــــرّ الفصاحـــةِ حتى أذهلَ العَربــــا
يجــــري كَنَبــعٍ فـلا يَجفوهُ شارِبُهُ
بلْ يرتــوي منــهُ معنىً صافياً عَذبــــا
إنّ الحــروفَ بحـــارٌ لا نفـــادَ لهـا تَبقـى وإنْ غـاضَ مـاءُ الـدهرِ أو نَضَبـا
يا حرفُ أنتَ صَدى روحي وملهِمَها
وأنتَ دِرعي إذا ما ظالمــي اقترَبـــــــا
إنَّ الــحروفَ إذا جــاءتْ مواسِمُهـا أنْبَتْنَ وَرداً وأَحْيَيْنَ الــــذي نَضَبــــــــا
سيُكتَب الــنّصرُ فــي حرفٍ تلوذُ به
أو شِبــهِ حرفٍ إذا مـا ثارَ واحتسبـــــا
كمْ خطَّ سَطراً إلى التاريخِ وافتخرتْ بــــه العصورُ وغنّــــاهُ الورى طَربـــا
الــحرفُ كــالنــــاي إن أبكيتـَــهُ بحثتْ أنغامُـــــه عـن صدى الأشواقِ مُنْسَربـا
الحرفُ بركانُ صدري إن كَتَمْتُ لظـىً فــــاضَ اللَّهيبُ على الأوراقِ وانسَكبـا
والــحرفُ بــحرٌ إذا أرخيتُ أشرعتـي هـاجَتْ ريـاحُ الأسى والموجُ قد غَضِبا
أنــا ابنُ حرفــي بـه أسمو وإنْ وَهَنَتْ روحـــي وَجدتُ بـــه عِـــزاً ومُـكتسَبــا
إنـي وَهبْتُ لـــه رُوحـي فعانقنـــي حتــى غدوتُ بـــه فـي الكونِ مُنتسِبـا
لا تسألــــوا الــحرفَ عن سرٍ يحرّكُــهُ إنــيْ زرعتُ بــه فــي صدري النّسبــا
الــــــحرفُ مـــــرآةُ أرواحٍ مبعثــــــرةٍ سينشرُ النــورَ في دربِ الأسى شُهبــا
فامنحْ لـــروحكَ معنـىً في حروفِ غَدٍ مـا ماتَ مَـنْ وَهَبَ الأيامَ مـا كَتبــا
الله … ذكرتني بمقولة الحسين رضي الله عنه :
(اتعرف مامعنى الكلمة؟ … إن الكلمة نور وبعض الكلمات قبور)
الكلمة قد تكون غيثا وصيبا طيبا
وقد تكون ويلا ممطرا
قد تكون مرسال حب
وقد تكون إعلانا بحرب
قد تكون بثا لشوق
وقد تكون إعلانا بحرب
الكلمة ميثاق
الكلمة دعاء
وقد تكون لعان
الكلمة قد تحيي قلوبا ماتت
وقد تمييت قلوبا وهي على وجه الحياة
راىع غزلك لروعة الكلمة مع مفخخاتها يظهر ان الكلمة وجه حياة …تحياتي
شكرا جزيلا دكتورة لهذا العبق الذي نثرته ونشرته حروفك هنا