… كل صباح أجد على جوالي رسالة من مستر دحان لا أستطيع الرد عليها لتشغيله وضع الحظر عقب أن ينتهي من إرسالها إليّ فوراً … أنا قاتل …!!! نعم ياصديقي انا قاتل بالفطرة فقد قتلت أمي عند ولادتي يبدو بأن رأسي الكبير وأذناي اللتان تشبهان أذني أرنب بري كانتا سبباً في تعسر ولادتي ، فلم تسطيع المسكينة تحمُل عناء الولادة أو كأنها أحست بأن في أحشائها مخلوقاً شيطانياً ، ففضلت الموت وأختارت الرحيل … أظنها لن تغفر لي حتى وإن بُعثت مجدداً سوف تبصق في وجهي ، هكذا هو شعوري نحوها ، أحياناً أجدها في المنام غاضبة مني ، ملامحها تشبه مريم العذراء إلا أن حزنها يفوق حزن العذراء نفسها … لم تحدثني أو تسمح لي بالاقتراب منها أبداً …. عندما كنت صبياً صغيراً ، كانت هوايتي المفضلة هي قتل العصافير الصغيرة صنعتُ من عود السوسن والمطاط آلة لقتل العصافير الجميلة والملونة … في يوم واحد قتلت مايربو على السبعين عصفوراً أو يزيد … كان أبي يلقبني (بسبقة إبليس) أي بإبن الشيطان نفسه. ناداني بها عدة مرات حين كان يعتريه الغضب نتيجة أعمالي المجنونة … كنت أسمعه يقول بأن الشيطان عاشر أمي وليس هو ….. لست أدري هل كان محقاً بقسوته عليّ ؟ أم أن أعمالي الطائشة والمجنونة هي من صنعت في نفسه القسوة الزائدة ؟ في الجبل الواقع على تخوم قريتنا الجميلة كان هناك مكان تتجمع فيه مياه الأمطار في فصل الصيف كنا نسميه (كِريف أو برِكة ) يتجمع الأطفال فيه للسباحة والنساء لغسل الملابس … كنت أسبح مع أطفال القرية ونحن عُراة دون ملابس فكنت أستمتع بالنظر إلى عورات الأطفال وخاصة الفتيات التى كنت أتسأل في نفسي لماذا آلتهن تختلف عن آلتنا …. وكنت أمعن النظر الى ما بين أفخاذهن حتى أن بعض الأمهات أحسسنّ بميولي الجنسية الزائدة فكنّ يحرصنّ كل الحرص على عدم اقترابي من أطفالهنّ الصغار وكأني طفل مسكون بعالم الجن ….. تمنيتُ أن يمشي كل الناس عُراة ، فلماذا نحجب أجسادنا الجميلة بهذه الأسمال التى تحجب عنا الإستمتاع بالنظر لبعضنا البعض ….؟! وهكذا كانت تراودني أفكار غريبة وكأن الشيطان نفسه هو من يوحي إليّ … حتى أن بعض الأمهات منعنّ أبناءهنّ من الإقتراب مني وكأني طفل مصاب بالجذام ….. حين يذهب الناس من الجبل كنت أفرغ طاقتي السلبية بصوت يهز المكان ويرجع الصداء إليّ … وأصيحُ بملىء صوتي أنا لست الشيطان انا لست الشيطان أنا دحان أنا ذلك الطفل المسكين الذي فقد الحب والحنان ….. كان صدى صوتي يتردد على الصخور والماء وكنت أتخيل بأن هناك من يسمعني أو أن الشيطان الذي عاشر أمي يقول لي بل أنت ولدي أيها الطفل البائس ….. اللعنة عليك ….. سوف ابصق في وجهك أيها اللعين هكذا كنت أحياناً أسمع صوت يرد عليه في قلبي وكأنه صوت أمي يدافع عني … يا للهول !! كيف يستطيع أن يتخلص الإنسان من أفكاره السوداء ؟ أذا كان هو نفسه مليء بالحقد والكُره حتى لنفسه …….. هل شربت قهوتك الصباحية ياعزيزي ؟ أم أنك رجل لا يلتزم بإتكيت الكُتاب والمثقفين ؟ أتمنى ألا تكدر صفوك أو تعكر مزاجك رسائلي …. أعلم ياصديقي بأنك رجل جاد وأنك ربما قد تلعن اليوم الذي تعرفت فيه عليّ لأن هذه الحقائق قد تطاردك ولربما تصيبك بالكآبة أو تنقل لك عدوى أخرى هي معاقبة الذات … ربما قد تقول لي هكذا هو قدرك …. اذهب إلى الجحيم فأنا لست مهتماً لأجلك …. صدقت ياعزيزي …. هذا هو قدري هل يجب عليّ أن أرضى بالقدر ؟ حتى وإن كان ظالماً ؟ إذن لماذا يجب عليا أن أرضى بالقدر ؟ سألت يوماً أبي لماذا خلق الله الثعبان ؟ صمت ولم يجبني للحظات بعد قليل قال لي يابُني كل المخلوقات تعبد الله وأنها خلقت لحكمة ….. لم يكن الجواب مقنعاً وشافياً وإلى الآن ظل هذا السوال يطاردني كاشبح اسود طول حياتي .. لماذا خلق الله الشر ؟ لماذا الأفاعي و الحشرات الضارة والحيوانات المفترسة ؟ لماذا القتل ؟ والنهب والمعصية والظلم والطغيان ….؟ لماذا على الفريسة أن ترضى بقدرها ؟ هل من المعقول بأن هذا هو عدل الإله ؟!!! ألم تلحظ حين تقع الغزال بين فكي أسد ؟ والعصفور بين مخالب نسر ؟ والفراشة الجميلة تخطفها لسان حرباء قذرة ……. أنا لا أعرف لهذا القتل سبباً مقنعاً ؟ ولهذا الظلم الجبار حكمة …… أي حكمة من خلق حيوان مفترس يشبه التمساح ؟ سألت يوماً أحد الأسقف وكان معمدان كبير في كنيسة العذراء الواقعة وسط المدينة ؟ سيدي …. هل سيغفر الله لي ؟ بعد كل هذه الآثام والمعاصي الكبيرة التي تثقل كاهلي ؟ قال لي بأن الله ضحى بإبنه الوحيد من أجلنا . فقد مات على الصليب ابن الله ليغفر لنا خطايانا …. تباً …. يالها من كذبة كبيرة بأن الله سوف يغفر لنا خطايانا من أجل ابنه الوحيد الذي مات مصلوباً ……. …. رسائل هذا الرجل تثير الدهشة وعترفاته تصيبني بالغثيان أحياناً الرجل يقول أشياء كثيرة وكأنه يتحدث بلسان شيطان …. هل من المعقول بأن يكون الإنسان نصفه انسان ونصفه شيطان ……؟ انتظروني في رسالة أخرى من رسائل مستر دحان .