لثلاث ساعات متتالية ظل الأستاذ يشرح للطلاب مباديء لغة لم تكن أمهم؛ اختبأت مهارته خجلة وراء معرفته الواسعة. صارت المعلومات تتدفق منه كما الفيضان على غيرما هدى. انفلتت من عقالها كما الخيول الشاردة.. ذابت البويتات المتهالكة.. لم تصمد أسوارها المهترئة أمام اندفاع الموج الهادر. تسرب الطلاب واحدا تلو الآخر.. استدار المحاضر إلى السبورة ليكتب شيئا ثم التفت فألفى القاعة فضاء فارغا إلا من قط وحيد.. نظر القط إلى المعلم وجلا.. ارتجف ذيله لبرهة ثم قفز من خلال النافذة في مؤخرة الفصل.
أخيرا انفضحت المهارة بالأضواء.. تراجعت المعرفة قليلا.. عاد الطلاب إلى الفصل.. رجعت المياه إلى مجرى النهر.. تماسك الطين قليلا فانتصبت البويتات الذائبة واستعادت الأشياء توازنها في نظام الكون.