ظل لعشر سنوات أو يزيد مهجورا ،شبابيكه مغلقة، ابوابه مقفلة، يرين عليه البلاء، ينتمي لعائلة انقرضت ولم يبق منها الا أفرادا ، وطو ال هذه المدة لم يدخل أحد منهم هذا البيت، بل ولم يسألواعنه، ولهذا حامت حوله الشكوك، فمن قائل أنه مسكون ،ومن قائل إن زعيم الجن يقطنه، ويختلق الناس حوله الكثير من القصص المرعبة، فقيل إن( ام السلاسل) تسكنه مع ذريتها، وأنه في ليال من العام يشهد ضجيجا.
ويتكون هذا البيت من دورين من اللبن، ونوافذه
صفراء تنتمي إلى التراث البعيد، وتضفي النقوش على جدرانه مهابة، مما يدل على أن من سكنه كان من أحدى الأسر الاستقراطية، وإن هذه الأسرة سافرت إلى المدينة، وتركته يصارع الدهر والايام .
وذكر بعض المجاورين للبيت أنهم يسمعون بالليل أصواتا، وإن الأبواب الداخلية تفتح ويعبث بها الجن، وقال شيخ القرية: هذا بيت مسكون احذركم أن تدخلوه.
ومع اندلاع الحرب وتوافد النازحون والمشردون، سكنت أحدى الأسر في العراء، والتحفت بالفضاء، فقيل لها هناك بيت مهجور، ليس لأحد، وصاحبه مسافر منذ سنوات.
ولكن استشكل على الأهالي كيف يدخلوه، فطلبو من عاقل الحارة أن يقوم مع رجاله باقتحامه، وإسكان هذه الأسرة النازحة المشردة، فتحصلوا على إذن باقتحام البيت، ولكنهم اختلفوا من سيكون في الصدارة، فأما عاقل الحارة فقد امتنع، لاسيما وأن منزله قريبا من هذا البيت المهجور، وأنه قال: لقد رأيت بعيني هاتين شبحا يدخل من الباب الخلفي للبيت، وسمعت أصواتا، وحركة داخل البيت.
ولم يستمر هذا الجدال طويلا بين الأهالي، فاستعانوا بالشرطة، وتم دخول البيت، وهنا كانت المفاجأة، أنهم شاهدوا ملابس وأواني واعقاب سجائر، فقيل إن الجن جلبوها، ولكن أحدا لايستطيع أن يجزم هل هي لانسي ام لجني، وفي اليوم التالي دخلت الأسرة النازحة من الحرب البيت، ولم تعد تسمع فيه اي اصوات، أو حركة، حتى أن عاقل الحارة زار هذه الأسرة، وهو بين مصدق ومكذب،تجول بذهنه صورة ذلك الشبح الذي يدخل من الباب الخلفي،
في جنح الليل.