تساءل فرزيت حمدان عن رد فعل الرجلين اللذين كانا يتحدثان تحته لو تدخل في النقاش.
قال الأول، الذي كان سمينا قليلا ويرتدي قميصا دون أزرار وسروالا رماديا ولامعا على مستوى الركبتين قديما نوعا ما: هذا الجعران الذي فوقنا هل يوجد في هذه الدنيا شخص واحد يمكنه إنكار أنه يتصنت علينا.
-بخيالك، قال الثاني… كان نحيفا كعود كرمة أيام الخريف. كانت بدلته السوداء تطفو حول ذراعيه وساقيه. لا يمكنك التوقف عن التخيل!
في العلو كان فرزيت حمدان يفرك قوائمه على بعضها. خشب الرافدة – ربما رائحته – يلهمه في خطمه بعض هدوء. الشيء الوحيد الذي ندم عليه
هناك، فرك فرزيت حمدان مخالبه واحدا ضد اثنين أو ثلاثة آخرين. ألهمه خشب الشعاع – رائحته ربما – في منتصف الكمامة مثل هذا الهدوء. الشيء الوحيد الذي ندم عليه هو أنه ولا ناشر وحيد قدر قصصه الغريبة
في الأسفل يستمر الرجلان كساحرين يختلفان حول تأثير إكسير في تناقض بعضهما البعض على أدنى التفاصيل ثم التوافق في مجمل ثرثرتهما.
نظرا معا وكل واحد لساعته.
-كم تكون الساعة، تسأل الرجل البدين.
-تأخر الوقت، قال النحيف.
– لقد تأخر حقيقة، قال الأخر.
فجأة قال النحيف: أشعر بالرغبة في ضرب زوجتي هذا المساء.
-لماذا، انذهل البدين.
-هكذا، قال النحيف ، فنفض عن ركبتيه ، أتعرف … تأخذني هذه الحالة مرة في الشهر؛ على كل حال لا مفر منها…
-لا مفر من من، سأل البدين.
-ضرب زوجتي، قد قلته.
–ثلاثة أطفال ومازالت نفس الحكاية…
–أصبحت عادة، اعتذر النحيل.
أحس فرزيت حمدان أن جناحه الأيسر قد تقوم. واجه صعوبة في إرخائه ولم يتمكن منه إلا بعد أن رفع الأخر. وعندما شعر بالاحتقان بين صلابتهما عاد للاستماع إلى الاثنين الآخرين. هما كانا يستمران في قول هذيانهما دون أن ينسيا النظر لساعتهما.
-قبل الأمس دخلت للكافتريا.
-أنا، قال البدين بفزع.
-نعم، أنت؛ ليس خيالك…
-لم أكن…
-قد كنت داخلها…
ثم أدرك فرزيت حمدان أن النحيل كان يمتحن البدين. بعض امتحانات يومية تثبت أن صداقتهما لا تشوبها شائبة.
مر وقت
كانت أعينهما تفتش بين أعداد الساعتين.
النحيل بشفتيه المسحوبة حد الوجنتين.
البدين باستدارة عينيه و بياضها.
وها هو البدين يخرج رزمة من الأوراق النقدية من جيبه والقاها على الطاولة بين الزجاجات.
أخذها النحيل وحشاها له في جيبه.
-نها الي نكون مخصوص نتفكر بلي سلفتك الدراهم.
ثم أقسم البدين. وبعده أقسم النحيل.
ثم قرعت كأسان.
-هذا الجعران شغل بالي، قال البدين.
-حشرة مسكينة ملتصقة بعارضة .
– علاش قاعد لاصق هنا، قال البدين؛ ما يقدرش ايبعدنا.
-وين حبيتو ايروح.
– راه يتجسس علينا
حقيقة، الشيء الوحيد الذي ندم عليه فرزيت حمدان هو أنه كتب قصصه القصيرة بعيدا عن ما يجرى في العالم. بمثيل هذا اللغو الذي تحته كان قادرا كتابة ثلاث قصص أربع دون رفع القلم.
ثم حرك فرزيت حمدان في الهواء قوائمه الأربع. كانت تساعده الأخيرتان على البقاء معلقا في العارضة.
قبل ثلاث سنوات، بينما كان يقرأ قصة قصيرة كتبها همنغواي، كان قد شعر بالتنميل لمدة أسبوع.
والأن وهو داخل هذا اللباس السخري لحشرة منذ الأمس.
نبذة عن الكاتب
أحمد بن قريش (1952
متخرج من معهد البترول الجزائري
عملت بالصحراء الجزائرية حتى التقاعد
لدي هنا بالجزائر كتابان بالفرنسية في القصة القصيرة: “السراب” و”مرساة-غاطسة“
وفي الخارج نشرت لي “إديليفر” ديوان شعر: “رماح المطر” وديوان ترجمة لقصائد فرنسية : “قصائد مترجمة” و رواية: “انسجام عشائري
أنشر من حين لآخر على صفحات الجرائد والمجلات العربية والفرنسية الشعر و القصة والترجمة
Les Ecrits, Revue Des Ressources , Algérie/Littérature/Action , Actualités de l’Emigration , l’Horizon ديوان العرب ، أصوات الشمال، أدباء الشام، ايلاف، بيت الشعر اليمني، الميادين ، كتابات هي بعض من المجلات والجرائد التي أتعامل معها….
Abahmed314@gmail.com
العنوان: قرية عين أعلام – بلدية الذرعان – ولاية الطارف – الجزائر