اهتزت القاعة من دوي تصفيق وصراخ وتشجيع المتفرجين المذهولين.. الرباع يحمل أثقاله بذراعين قويتين، اهتزت لهما الأجساد متمايلة مسرورة.. ينظر بعينين تدوران حول المكان لكنهما تحطان عند الصف الأول من المقاعد القريبة من المنصة الخشبية التي يقف عليها مزهواً.. نظراته تحدق بالناس الذين يجلسون على بعد متر واحد منه.. نظرات ملؤها الترقب والقلق أو هكذا بدا للذين لم يتوقفوا عن الصراخ والتصفيق.. الرباع يحمل أثقاله، يتنقل واثقاً يميناً وشمالاً فوق المنصة.. مرة من هنا وأخرى من هناك.. قوي، مفتول العضلات، جسد ضخم مخيف، يضع أثقاله بمهل على الأرض ثم يرفع يديه ملوحاً بهما لجمهوره الصاخب فيتعالى صراخهم وتشجيعهم أكثر فأكثر.. ثم يعود رافعاً أوزاناً جديدة وسط الأنفاس المحبوسة والوجوه المبهورة.. يرفعها وبأوزان أخرى جديدة.. رمقه أحد الجالسين في الصف الأمامي، نهض وسار خطوة ، خطوتين، تقدم من الرباع الذي بدا كطائر في السماء ، يهتز طرباً للتصفيق والصفير الذي لا ينقطع.. تقدم نحوه ، حبست القاعة أنفاسها.. سكنت الأرواح ترقب ذلك المشهد، توقف الرجل أمام العضلات المرتفعة كالتلال ثم طلب من الرباع إنزال الأثقال.. صرخ بوجهه.. أنزلها إن كنت بطلاً! فران السكون بين الجالسين الذين كانوا هائجين قبل دقائق.. أنزل الرباع أثقاله وسط حيرة الجمهور الذي نهض واقفاً.. رجع إلى الخلف مرتبكاً، فنزع الرجل أقراص الأثقال بخفة ورمى بها في فضاء القاعة، فتطايرت قطع الإسفنج سابحة فوق الوجوه المبحلقة بالرباع الذي توارى خلف الكواليس.
بغداد..