السعادة/ بقلم:د.عبد الإله وادي

ذات مساء. دخل شاب أنيق فى عقده الرابع إلى خمارة الأُنْس بذلك الحي الشعبي. كان شابا وسيما، بوجه حليق وتسريحة شعر جذابة، يلبس بذلة رفيعة ويضع ساعة سويسرية في معصمه الأيمن. كان شكله المتميز وهندامه الأنيق مثيرا لفضول مرتادي ذلك المكان الرث المتداعي ، فبدا وكأنه نوتة موسيقية نشاز كسّرت لحنا رتيبا.
ألقى السلام وتقدم بخطى متأنية ليستقر وحيدا على كرسي طويل قُبالة “البارمان”. وضع هاتفه الذكي وعلبة السجائر الشقراء جانبا فوق المنضدة الرخامية، وبدأ في الشرب متكأ على كوعيه.
بعد الكأس الخامسة، إقتربت منه زبونة “متعودة” كانت تراقبه منذ البداية
مساء الخير أيها الوسيم فاتحته بصوت ناعم. جاملها بابتسامة ورفع كأسه ليشرب نخبا
— ماذا يفعل ٱبن ذواتٍ مثلك في خمارتنا
الشعبية ؟ سألته بصفاقة.
أجابها….
— أبحث عن السعادة بتكلفة صغيرة
— كيف؟؟
— جُرعة الويسكي هنا رخيصة
— شاب من عليي القوم ميسور الحال مثلك، من المفروض أن يبحث عن السعادة في حانة مُصنّفة من حانات الأحياء الراقية
— كنتُ أفعل ذلك عندما كنتُ أعزبا
— أه،…إذن، أنت متزوج. !!!!!
أراها خاتم بِنصره الأيسر و رفع منكبيه استهجانا…
ثم طلب لها كأسا.
شكرته ، جلست على كرسي بجانه، أخذت رشفة ثم واصلت…
— إذا لم تمنحك زوجتك السعادَة المرجُوّة …لماذا لم تفكر في زوجة ثانية؟
— زوجة ثانية… لا شكرا. أُفضّل عدم المغامرة
— لماذا ؟؟، قالت مستفهمة…
— لأنني ببساطة، لا أعرف أرخص من هذه الحانة…

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!