أنا الطفلُ سالم …..
تاريخُ ولادتي عصيٌّ على النسيان .
يقولون لي أنني أكبرُ من الحرب بإحدى عشرَ شهرًا، أما بالنسبةِ لي فأنا أكبرُ من ردائي بأربعِ سنوات.
يتألفُ ردائي من معطفٍ أزرقٍ شَتَوي فقد لونه قليلاً فهو لَم يُغسل منذ عامٍ تقريباً وبنطالٍ أسود لا يستطيعُ مجاراةَ نُموي طولاً فقطعةُ الخُبزِ التي أبتاعها لا تكفي مَعِدَتَين.
يتناسبُ عملي طرداً مع دورانِ الأرضِ حولَ الشَمس، ففي الربيع أبيع ورداً وفي الصيف مشروباً رَطباً وفي الخريفِ بعضُ الشوكولا والمِسك أما في هذا البرد أبيعُ الشفَقةَ للمارين.
بعضُ التدريباتِ على الحديثِ في أيامِ فراغي جعلت من لساني يداً يُمنى لي في عملي.
أُلَقبُ بألقابٍ عِدّة شَحاذ، كاذِب، دَبِق أما أَحَبُها لي مُتَسَوِل.
أبرُعُ بفنونِ الرسم، أُجيدُ رسمَ وجهي وهوَ يبتسم، أولى الخطوات اصطيادُ شارٍ جيد لِبِضاعتي ثُمَ بِرفق أمسحُ دُموعَ رسمتي السابقةَ وأَقلِبُ شفتاي مِئةً وثمانين دَرجَة.
أملُكُ وردةً لم يُمِتها بعد بردُ هذا الشتاء وأظنُّ أنني وجدتُ الشاري، سأرسمُ وجهي قبلَ أن يختفي.
– سيدي، وردةٌ لا تَموتُ بالبرد أظنها تُناسِبُ فتاةً لا يسلبها قَدر
-كم ثَمَنُها
-مِئَةُ ليرةٍ فقط
يُخرجُ رزمةَ نقودهِ الدافئةِ أكثرَ من يدي، يختارُ الفئةَ التي طلبتُها ويُهدي وردتي لفتاته فتبتسم.
هة متسولٌ مثلي، أنا أشحذُ مالاً وهو يشحذُ حُبًّا.