مدعوة أنا اليوم إلى حفل زفاف ،
لا يمكنني رفض هذه الدعوة ؛ ينتمي العروسان إلى عائلة عريقة ، و هم أصدقائي منذ زمن بعيد مدعوة أنا اليوم إلى حفل زفاف ،
لا يمكنني رفض هذه الدعوة ؛ ينتمي العروسان إلى عائلة عريقة ، و هم أصدقائي منذ زمن بعيد.
أفتح خزانة ملابسي لاختار فستانا يليق بالمناسبة السعيدة، ترى هل الأحمر يناسبني أكثر؟ أم الأسود ؟ .. أأضع كحلا عربيا طبيعيا أم قلمَ كحلٍ لإحدى الماركات الفرنسية… اخترت فستانا زهريا يليق بجو الفرح و البهجة..
فقِرانُ اليوم أثمرته قصة عشق طويلة ، اليوم تزَوِّج السيدة أبجدية ابنَتَها المصون الباء للشاب الوسيم حرف الحاء ، زواج أثار في الواقع غيرة الكثيرين، وسأضطر خلال الحفل لتحمل ثرثرة الكثير من الأصدقاء الحروف ، بين حاسد وغيور و آخر منتقد..
جهزت نفسي وهممت بالخروج، اتفقد حقيبة يدي، أضع بها أحمر شفاه، مرآة صغيرة و قلم حبر ، لا أستطيع الذهاب دونه الى مثل هذه المناسبات ، فهو السلاح الآمن لدرء الكثير من الأخطاء والتحكيم في بعض المناقشات الحادة التى غالبا ما تنتهي بتمزيق كل الأوراق.
أمتطي سيارتي ، أخلع كالعادة الحذاء ذو الكعب العالي، أضع حذاء رياضياً خاصاً بالسياقة، وأمضي ….
أصل إلى الباب، صوت الموسيقى ينبعث من بعيد ، ألمح السيدة لغة تجلس في أقصى القاعة كمن يريد أن يراقب كل شيء ، أما أبجدية فهي تنتقل بين المدعويين كفراشة تداعب كل الزهور ؛ يجلس العروسان في الوسط ، لا يأبهان بأحد، فقرانهما اليوم هو أمل كل المحبين ..
لمحني حرف السين فأتى مسرعا مرحِّبا ، أحب هذا الحرف جدا ، يحمل كثيرا من التفاؤل ، نظرته مستقبلية و متطلعة.
رافقته الى داخل القاعة، أبحث عن مكان أجلس به، وأنا أوزع التحايا هنا وهناك ، تستوقفني الراء لتعاتبني عن نسياني دعوتها الى بعض جلساتي، اعتذر منها و أعدها بغذٍ أفضل.. ما إن أخذت مكاني حتى بدى الألف قادما نحوي ببذلته الانيقة و رشاقته المعهودة ، داعيا إياي للرقص.. ولما لا …
يراقصني و هو يوشوش لي أن عليَّ الذهاب باكرًا ، فلربما لن تنتهي الحفلة على خير ..
جلست الراء و الميم بجانبي ، لم تستطيعا إخفاء غيرتها من الباء ، وتقولان أنّ زواج الحب لا ينجح دوما..
يا إلهي كيف أتخلص من هذه الورطة ؟ يجب أن أجد عذرا للانصراف…
ما كدت أفكر في حيلة للهرب من هذا الجو المشحون، حتى سمعنا ضجيجا قادما من الخارج يقترب، إنها القاف تصرخ وتدعي أنها الزوجة الأولى للحاء وأن الحق قبل الحب … تنقلب القاعة أعلاها سافلها ، فلا أملك بُدّاً من أخذ محبرتي ، أسكبها على الكل، فيختفي الجميع ، يعم الصمت، لم يبقَ إلا الألف يقف في زاوية بعيدة، ينظر إليّ و يردِّد : امرأة مجنونة ، امرأة مجنونة….